الندوة الوطنية حول موضوع: منازعات الجماعات الترابية الوضع الراهن والإجراءات المواكبة

 


 شهدت رحاب قاعة الحسين قرير بجماعة إنزكان يوم السبت 14 شعبان 1440، الموافق ل 20 أبريل 2019، تنظيم فعاليات ندوة علمية وطنية حول موضوع "منازعات الجماعات الترابية: الوضع الراهن والإجراءات المواكبة."

وقد نظمت هذه الندوة بمبادرة من ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة وفريق البحث في القانون العام والحكامة التابعين لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، وفي إطار الشراكة والتعاون مع المحكمة الإدارية بأكادير والمجلس الجماعي لإنزكان والمركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات.

 و قد افتتحت أشغال هذه الندوة بداية من الساعة العاشرة صباحا، بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، متبوعة بالاستماع للنشيد الوطني، ثم قراءة الكلمة الافتتاحية للندوة، والتي رحب من خلالها السيد رئيس المجلس الجماعي لإنزكان الأستاذ أحمد ادراق بجميع الحاضرين، من قضاة وأساتذة جامعيين ومحامين ومنتخبين وموظفين وكافة الحضور الكرام، قبل أن يعطي الكلمة للسيد نائب رئيس المحكمة الإدارية بأكادير محمد لبردي، الذي قام بتلاوة رسالة السيد رئيس هذه المحكمة، التي وجهها إلى كافة المشاركين في أشغال هذه الندوة وأكد من خلالها بأن مشاركة المحكمة في هذا الملتقى العلمي تندرج في إطار انفتاح المحكمة على محيطها الخارجي وإيمانا منها بدور القضاء الإداري في مواكبة الجماعات الترابية في الاضطلاع بدورها التنموي وفق ما تقتضيه قوانينها التنظيمية الجديدة، كما اعتبرها مناسبة لتسليط الضوء على بعض الاشكالات التي لا زالت تؤرق بال الفاعلين الترابيين، معبرا في ختام رسالته عن متمنياته بالتوفيق والنجاح لهذ الملتقى العلمي المتميز.

 إثر ذلك تناول الكلمة السيد نائب نقيب المحامين بهيئة محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون، الاستاذ سعيد بورحيم، والذي أكد على أن موضوع هذه الندوة يدخل في صميم انشغالات المحامين واهتماماتهم، مركزا على أهمية القضاء الإداري في تحقيق نوع من التوازن بين المصلحة العامة وحماية حقوق الأفراد.

واعتبر بأن هذه الندوة تعد مناسبة لملامسة المشاكل العالقة في هذا المجال، مشيرا إلى أن المنازعة تمر عبر ثلاثة مراحل مختلفة، فإذا كانت المرحلة القضائية تتميز بنوع من الجودة والمهنية، فإن مرحلة ما قبل التقاضي لازالت تطرح سؤال الحكامة في تدبير العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها، والتي لو تم إعمالها لمكنت الإدارة العمومية من تجنب عدد كبير من المنازعات وبالتالي عددا من الأضرار والخسائر. وفي مرحلة ما بعد التقاضي، أثار مسألة تجاهل الإدارة أحيانا لتنفيذ الأحكام القضائية، مما يؤدي إلى إجبارها على ذلك من طرف القضاء مع ما يترتب عن ذلك من حجز على الأموال العمومية وإرباك للمرفق العام، وختم قوله بان العدالة غاية مثلى يجب على الجميع السعي الى تحقيقها، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق التنمية التي ما هي إلا نتيجة حتمية لقضاء عادل.

بعد ذلك، تناول السيد منسق ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، ورئيس المركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات الدكتور الحسين الرامي كلمته التي تقدم من خلالها بالشكر الجزيل لجماعة انزكان ولجميع القائمين عليها وفي مقدمتهم السيد رئيس المجلس الجماعي، باحتضان هذا اللقاء العلمي المتميز، كما شكر جميع المساهمين في تنشيط هذه الندوة، من السادة القضاة والمحامين والأساتذة والمنتخبين والموظفين، مذكرا أن هذا الملتقى العلمي يندرج في إطار الدرب العلمي والعملي الذي يسير عليه ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة والمركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات، مشيرا إلى وجود برنامج غني ومكثف من الأنشطة العلمية مبرمجة خلال سنة 2019 بل منها ما هو ممتد الى السنة المقبلة 2020.

 إثر ذلك تقدم السيد المدني السوسي منسق ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة بكلمة باسم طلبة هذا الماستر، متوجها بالشكر الى جميع المنظمين لهذا الملتقى العلمي الرفيع المستوى، والذي يندرج في إطار تقوية القدرات العلمية والمعرفية لكافة الطلبة وجميع الحاضرين على حد سواء.

وبعد إنهاء المداخلات الافتتاحية للندوة، تم رفع الجلسة ودعوة الحضور إلى استراحة شاي.

الجلسة العلمية الصباحية الأولى

بعد الجلسة الافتتاحية والقيام بوقفة استراحة، استأنفت أشغال الندوة في إطار الجلسة العلمية الصباحية الأولى، التي ترأسها الدكتور عبد الكريم حيضرة، أستاذ باحث بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، وشهدت ثلاث مداخلات قيمة:

المداخلة الأولى: تناول الكلمة خلالها الأستاذ محمد لبردي قاضي، ونائب رئيس المحكمة الإدارية بأكادير، حول موضوع: "المنازعات المسماة للجماعات الترابية".

 أورد الأستاذ المتدخل في حديثه بأن المنازعات المسماة للجماعات الترابية، لا يتم تحريكها من طرف القضاء بكيفية تلقائية، وإنما بناء على طلب الطرف المتضرر. وحسب القوانين التنظيمية لهذه الجماعات، أشار الى أن هناك ثلاث تمثلات لهذه المنازعات، وهي:

·    حالة العزل: كإجراء تأديبي يؤدي الى فقدان العضوية بالمجلس، ويختص القضاء وحده بتوقيعه على العضو المخالف للقانون، مستدلا بحكم صادر عن المحكمة الإدارية بأكادير الذي ألغى مقررا لإحدى المجالس الجماعية، والتي أصدرت قرار العزل في حق أحد أعضائها بناء على مقرر المجلس فقط.

·    حالة التوقيف: وتعتبر نتيجة حتمية لمسطرة العزل، وتستمر إلى حين البث النهائي في النزاع المعروض على المحكمة، وأشار الأستاذ الى أن هذه الحالة تثير عددا من الإشكالات لوجود بعض التناقضات بين مواد القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، التي وردت فيها عبارة "التوقيف" وتحيل على مواد أخرى في نفس القوانين لم يرد فيه أي ذكر لتلك العبارة.

·    حالة التجريد: أشار الأستاذ المتدخل الى أن التجريد عادة ما يترتب عما يسمى بحالة الترحال السياسي، إلا أن التجريد قد يترتب كذلك عن أفعال وتصرفات ليست بالضرورة تغييرا للانتماء.

 كما أثار ملاحظة مهمة في هذا الباب والمتمثلة في التناقض الحاصل بين النص الدستوري والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، بحيث أن الدستور ينص على الانتماء السياسي بما يعنيه من وفاء لمبادئ الحزب وتوجهاته، فيما تنص القوانين التنظيمية عن الانتماء الحزبي بمعناه العلاقة والترابط العضوي للشخص المعني مع الهيئة السياسية.

المداخلة الثانية: للدكتورة حليمة بنحفو أستاذة بكلية الحقوق بأكادير، وإطار سابق بالوكالة القضائية للمملكة، حول موضوع: "دعوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية أمام القضاء الإداري".

تناولت الأستاذة الكريمة خلال هذه المداخلة مفهوم الاعتداء المادي ودور القضاء الاستعجالي في حل هذا النوع من المنازعات بحيث اعتبرت أن الاعتداء المادي يتجلى في وضع الإدارة يدها على عقارات مملوكة للأفراد دون سلوك المسطرة القانونية لنزع الملكية، ويمكن أن يتخذ هذا الاعتداء صورا إيجابية، كما يمكن أن يتخذ صورا سلبية من قبيل تخصيص عقار بموجب تصميم تهيئة مصادق عليه من أجل إقامة مرافق عمومية. وفيما يتعلق بدور القضاء الاستعجالي في هذ الإطار، أشارت إلى امكانية رفع دعاوي الوقف الفوري للاعتداء المادي الذي تم الشروع فيه عن طريق البناء والتشييد، ودعاوى قضائية تروم محو آثار تصميم التهيئة على عقارات تم تخصيصها لإقامة مرافق عمومية.

 وفيما يتصل بموضوع التعويض من خلال دعاوي الموضوع المرفوعة في هذا المجال، فيتعين على كل مطالب بالتعويض إثبات الملكية أولا قبل المطالبة بالتعويض عن الاعتداء المادي عن الملكية. كما أثارت الأستاذة في هذا الصدد مسألة التاريخ الذي يتم اعتماده من طرف المحكمة لاحتساب قيمة التعويض، بحيث ذهب الاجتهاد القضائي في هذ الإطار الى اعتبار تاريخ تقديم الدعوى وليس منذ تاريخ وضع الإدارة يدها على العقار، كما ذهب القضاء ايضا في اتجاه الاستجابة لطلب الإدارة فيما يتعلق بطلب نقل الملكية بناء على مبدأي:

- التفقير بلا سبب والضرر الذي يلحق بالإدارة في هذ الجانب.

- تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات وحماية المراكز القانونية لطرفي الدعوى.

 وختمت الأستاذة حديثها بإثارة الانتباه الى الضرر الجسيم الذي يلحقه الاعتداء المادي على الملكية العقارية، بالإدارات العمومية كمرافق عمومية يجب عليها أن تنأى بنفسها عن كل ما من شأنه ن يؤدي إلى إلحاق ضرر بأموالها ومواردها وإعمال الحكامة والرشد اللازمين في التعامل مع الأغيار في هذا الإطار.

المداخلة الثالثة: من تقديم الأستاذ رشيد الناصري قاضي بالمحكمة الإدارية بأكادير، بعنوان "منازعات الوضعية الفردية لموظفي الجماعات الترابية ".

 في مستهل حديثه أشار الاستاذ المتدخل الى أن هذا الموضوع أصبح يفرض نفسه بإلحاح، باعتبار أن الموارد البشرية للجماعات الترابية هي الضامن الأساسي لاستمرارية المرفق العام بالجماعات، وكذلك نظرا لما تستأثر به هذه الموارد البشرية من كلفة مالية بميزانية تلك الجماعات.

وفي صلب الموضوع، سرد الأستاذ المتدخل عددا من القوانين والنصوص المنظمة للحياة الإدارية للموظفين الجماعيين، انطلاقا من الوثيقة الدستورية، والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية وظهير الوظيفة العمومية لسنة 1958، بالإضافة الى عدة مراسيم ومناشير ودوريات ذات الصلة بهذا المجال.

بعد ذلك قدم بعض الأمثلة حول الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري في مجال الوضعية الفردية للموظفين، لاسيما تلك المتعلقة بتسوية وضعية الموظفين حاملي الشهادات في إطار السلاليم والدرجات التي تناسب الشواهد المحصل عليها.

وختم مداخلته بوضعية المشغلين بموجب رسائل الالتزام، والتي تثير كثيرا من الغموض والصعوبات بحيث يتعذر على القضاء الإداري في غالب الأحيان الاستجابة لطلبات هذه الشريحة الاجتماعية من أجل الإدماج والترسيم في أسلاك الإدارة، وذلك في غياب تبريرات ووثائق تتعلق بالقيام بالمهام واستلام الأجور وما إلى ذلك من القرائن والأدلة. وناشد في الأخير الجهات المسؤولة، للقيام بالتفاتة تشريعية لفائدة هذه الشريحة الاجتماعية التي تتحمل كثيرا من العبء في إطار خدمة المرفق العام، وبذلك تستحق الإنصاف والتمتع بنصيبها من الأمن الوظيفي.

الجلسة العلمية الصباحية الثانية

شهدت الجلسة الثانية التي ترأسها نائب رئيس المحكمة الادارية بأكادير الاستاذ محمد لبردي ثلاث مداخلات قيمة جاءت على النحو التالي:

المداخلة الاولى: تدخل خلالها الدكتور عبد الكريم حيضرة، أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض بمراكش، حول موضوع: "دور القاضي الإداري في الرقابة على منازعات الجماعات الترابية" .

 تناول الدكتور في مداخلته علاقة القاضي الاداري بالتنمية المحلية، وذلك من خلال آلية الرقابة على أعمال الجماعات الترابية، عبر التساؤل عن حدود وظيفة القاضي الاداري في علاقته بالجماعات الترابية هل تقتصر على ترتيب الآثار القانونية التي نصت عليها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ؟ أم أن دوره هو المساهمة في التنمية المحلية عبر تليين حدة الوصاية ؟.

وقد قارب الاستاذ موضوعه عبر مدخلين:

1-  آليات الرقابة على شرعية المقررات والقرارات التي تحدث فيها عن مظاهر هذه الرقابة وشكلياتها.

2-  دور القاضي الاداري في توضيح تقنيات وأدوات التنمية في ظل مجموعة من المفاهيم والمستجدات التي تؤطر تنفيذ اختصاصات الجماعات الترابية، ولا سيما آلية التعاقد واتفاقيات الشراكة التي كرسها المشرع كآلية حصرية لتنفيذ الاختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعات الترابية.

ثم عرج في الاخير على الافاق المستقبلية للقاضي الاداري في علاقته بالجماعات الترابية التي يجب ان تتجاوز وظيفة الرقابة الى وضعية الشريك والفاعل في مجال التنمية الترابية.

المداخلة الثانية: كانت مشتركة بين الدكتور الحسين الرامي استاذ بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر بأكادير، ومنسق ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، والدكتور محمد الشاوي استاذ بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، حول موضوع: " الرقابة القضائية على القرارات المتعلقة بالصفقات العمومية للجماعات الترابية".

تفضل الدكتور الحسين الرامي بإلقاء هذه المداخلة القيمة، والتي استعرض من خلالها أهم تطبيقات الرقابة القضائية على القرارات المتعلقة بالصفقات العمومية للجماعات الترابية، وذلك خلال جميع مراحل الصفقة بدءا بمرحلة الاعداد ثم الابرام وبعد ذلك التنفيذ.

وفي هذا الصدد تحدث عن حدود ونطاق تدخل كل من قاضي المشروعية وقاضي العقد ( القضاء الشامل) وتطور العمل القضائي في اطار ضمان التوازن بين مصلحة الادارة ومصلحة المتعاقدين معها.

المداخلة الثالثة: كانت من تقديم الدكتور ابراهيم أحطاب، أستاذ باحث بكلية الحقوق بأكادير، حول موضوع بعنوان: "الرقابة القضائية على المنازعات الناشئة عن تطبيق الرسوم المحلية".

قدم خلالها الأستاذ المتدخل قراءة نقدية للنظام الجبائي المحلي من خلال التساؤل عما اذا كان الانتقال من نظام الاحصاء الى نظام التصريح لا يشكل تحويلا لعبء الإثبات الذي أصبح على الملزم، ثم استعرض أهم القواعد التي رسخها القضاء الاداري في تعاطيه مع المنازعة الضريبية أهمها:

-قاعدة عدم القياس في المجال الضريبي

-قاعدة عدم التوسع في تفسير النص الضريبي

-التفسير الضيق للنص الضريبي وان الشك يفسر لفائدة الملزم.

وطرح في الاخير نطاق تدخل القاضي الاداري وحدود صلاحياته في الرقابة التي تمتد الى الاجراءات، والشكليات.

الجلسة العلمية المسائية الاولى

عرفت الجلسة العلمية المسائية الأولى التي ترأست أشغالها الاستاذة حليمة بنحفو، ثلاث مداخلات قيمة كانت على الشكل التالي:

المداخلة الأولى: تدخل خلالها السيد رئيس جماعة انزكان الاستاذ احمد أدراق حول موضوع: " منازعات الجماعات الترابية بين واقع الحصيلة وتدخل الاجهزة المواكبة".

تحدث السيد الرئيس في معرض مداخلته عن وضعية المنازعات بجماعة انزكان على مستوى الحصيلة والافق، حيث استعرض أهم القضايا المعروضة على القضاء كما ونوعا والتي تحتل فيها قضايا المطالبة بالتعويض النسبة الأكبر، وتأخذ فيها دعاوى الاعتداء المادي حيزا هاما.

كما أشار إلى تجربة الجماعة في تدبير بعض القضايا التي كادت أن تعصف بميزانية الجماعة نظرا للمبالغ الكبيرة التي حكم بها على الجماعة وسلوك المتقاضين مسطرة التنفيذ الجبري لاستيفاء حقوقهم، واستطاعت الجماعة بفضل نجاعة الدفاع، المحافظة قدر الامكان على مصالحها في هذه القضايا داعيا الباحثين الى توجيه البحث العلمي الى القضايا المرتبطة بتدبير الجماعات الترابية.

المداخلة الثانية: قدمها الباحث الدكتور علي أمجد رئيس مصلحة الشؤون القانونية والمنازعات بعمالة إقليم السمارة، حول موضوع: "تدبير منازعات الجماعات الترابية بإقليم السمارة".

توقف خلالها الأستاذ المتدخل عند الاطار القانوني المنظم لمنازعات الجماعات الترابية على ضوء مستجدات الدستور والقوانين التنظيمية، ومستجدات قانون المسطرة المدنية في مجال الوسائل البديلة لحل المنازعات ولاسيما آلية التحكيم، ثم تطرق الى تجربة الاقليم في حل المنازعات التي لازال فيها للعرف مكانة مهمة في الحيلولة دون عرض النزاع على القضاء

المداخلة الثالثة: قدمها الاستاذ نبيل لحبيب، مكلف بنقطة الاتصال لمؤسسة وسيط المملكة بجهة سوس ماسة، حول موضوع: "أي دور لمؤسسة وسيط المملكة في فض منازعات الجماعات الترابية ؟ ".

في معرض حديثه، استعرض الأستاذ المتدخل دور مؤسسة الوسيط في فض منازعات الجماعات الترابية والسند القانوني لتدخل المؤسسة، منوها بتوجهها الرامي إلى ترسيخ آلية الحلول الحبية لفض المنازعات عوض اللجوء الى المساطر القضائية.

كما أشار الى مجموعة من آليات الضغط على الادارة للاستجابة لتظلمات المواطنين وتنفيذ الاحكام الصادرة لفائدتهم، وقدم طرق تعاطي مؤسسة الوسيط مع الشكايات التي ترفع اليها عبر:

-  معالجة الاشكاليات الفردية ( الشكايات – التظلمات...)

-  معالجة الاشكاليات العامة ( اصدار توصيات ومقترحات)

وقدم نموذج لمخرجات بعض التوصيات والمقترحات والتي همت:

§    اشكالية عدم تنفيذ الاحكام

§    عدم التعويض عن نزع الملكية

§    اعداد تصاميم التهيئة

§    التنسيق ما بين القطاعات الادارية

وفي الاخير اعطى بعض الاحصائيات التي وردت بتقرير مؤسسة الوسيط برسم سنة 2017.

الجلسة العلمية المسائية الثانية

شهدت الجلسة العلمية المسائية الثانية والتي ترأست أشغالها الاستاذة عالية شباطي، القاضية المكلفة بالتنفيذ بالمحكمة الادارية بأكادير، ثلاث مداخلات قيمة كانت على الشكل التالي

المداخلة الأولى: قدمها الدكتور محمد عالي أدبيا، نائب رئيس مركز الساقية الحمراء ووادي الذهب للدراسات والابحاث الاجتماعية، وتمحورت حول موضوع " منازعات الجماعات الترابية بين ضرورة تنفيذ الاحكام القضائية وهاجس حماية المال العام".

استعرض خلالها الاستاذ المتدخل الاشكالية التي يطرحها التنفيذ الجبري في مواجهة اشخاص القانون العام، وخاصة الجماعات الترابية في ظل عدم وجود مقتضيات خاصة تنظم هذه المسألة، وقد تناول توجه القضاء في الموضوع خلال العشرية الاخيرة ( 2009/2018)، الذي اصبح نمطيا من خلال إقرار قابلية الحجز على أموال الجماعة لدى المحاسب العمومي، ثم قدم أهم الاشكاليات التي يثيرها موضوع الحجز على أموال المدين لدى الغير وهي:

-  أن المحاسب ليس غيرا بالنسبة للجماعات وان علاقته بهذه الأخيرة تحكمه نصوص وقوانين.

-  دعوى التنفيذ تطال دائما المحاسب العمومي ولا توجه ضد الامر بالصرف.

-  لا يتم ادخال الوكيل القضائي للجماعات الترابية.

-  الزام المحاسب بأداء التعويض المحكوم به على الجماعة يتعارض مع مبدأ استقلالية هذه الأخيرة.

-  اللجوء الى قواعد المسطرة المدنية بناء على المادة 7 من القانون 41/90 المتعلق بالمحاكم الادارية في حين ان هناك مساطر خاصة في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية يمكن اللجوء اليها لتنفيذ الاحكام ( مسطرة الحلول نموذجا).

 المداخلة الثانية: من تقديم الاستاذ سعيد ططي، باحث في القانون العام، خازن إقليمي ومفتش سابق بوزارة الاقتصاد والمالية، حول موضوع: " المنازعات المتعلقة بحجز اموال الجماعات الترابية لدى المحاسبين العموميين".

في مداخلته طرح الأستاذ المتدخل اشكالية الحجز لدى الغير الممارس بين يدي المحاسب العمومي من خلال ثلاث نقط:

  * إشكالية اعتبار المحاسب العمومي غيرا بالنسبة للجماعات الترابية.

  * تحليل مقتضيات المحاسبة العمومية.

  * الاتجاهات القضائية في هذا الميدان.

بالنسبة للحجز لدى الغير والذي نظمته قواعد المسطرة المدنية، استعرض المتدخل أهم المقتضيات التي تضمنتها هذه المسطرة والاجراءات المتعلقة بها، واشكالية مسطرة الحجز عند تطبيقها في مواجهة الجماعات الترابية من خلال تساؤلات:

- هل المحاسب العمومية غيرا بالنسبة للجماعات الترابية؟.

- الاموال المحجوزة لدى المحاسب مرصودة ومخصصة لنفقات محددة سلفا في وثيقة الميزانية، وبالتالي مدى قابلية هذه الأموال للحجز.

- وجود المال المحجوز عليه لا يمكن ان يكون موضوع امر بالنفقة الا وفق قواعد المحاسبة العمومية.

- تصريح المحاسب في مسطرة الحجز لدى الغير ولو كان سلبيا يعتبر ايجابيا من طرف القضاء

 تم تناول وجهة نظر القضاء من خلال موقف محكمة النقض ومواقف بعض محاكم الموضوع.

المداخلة الثالثة: من تقديم الدكتور الهاشمي مسكوري، أستاذ زائر بجامعة محمد الخامس بالرباط إطار مكلف بالشؤون القانونية والمنازعات حول موضوع: "إشكالية تداخل المصالح في منازعات الدولة والجماعات الترابية".

قدم الأستاذ المتدخل اشكالية تداخل الصفة وعدم تمييز الأشخاص المعنويين على مستوى المنازعات وقد تمحورت المداخلة حول أربع نقط:

* اشكالية التداخل بين الدولة والجماعات الترابية في العمل القضائي.

* تأثير العمل القضائي على تنفيذ الأحكام القضائية.

* ضرورة التمييز بين أشخاص القانون العام، حيث اشار الى اشكالية تعدد الصفة بالنسبة للوالي والعامل في ظل القوانين السابقة، وما يفرض هذا الطرح هو استمرار ملفات امام القضاء.

* كيفية التمييز بين من يمثل العمالات مثلا (العامل او الرئيس) والتعارض بين قوانين المسطرة المدنية وميثاق العمالات والأقاليم.

كما طرح إشكالية رفع الدعوى ضد شخصين معنويين عامين (الدولة - الجماعات الترابية ) وما ينتج عن ذلك من اشكاليات خاص بالنسبة للمتقاضين عند تحديد الجهة المطلوبة في التنفيذ، تم استعرض نماذج لأحكام وقرارات في قضايا الصفقات العمومية/الاعتداء المادي/المسؤولية الادارية...)؛ وفي حالة ثانية بالنسبة للوالي (كوالي الجهة) وعامل (عمالة مركز الجهة) ولاسيما الأحكام التي تصدر في مواجهة الولاية دون تحديد الشخص المعنوي (الجهة/العمالة/الدولة).

ليخلص في الاخير الى ضرورة تمييز منازعات الدولة عن منازعات الجماعات الترابية والاشخاص المعنوية الاخرى لتفادي الخلط على مستوى العمل القضائي.

وقد تفاعل الحضور مع المداخلات التي تم تقديمها خلال هذه الندوة، من خلال نوعية الأسئلة المطروحة التي همت واقع تدبير منازعات الجماعات الترابية واهم القضايا المطروحة امام القاضي، والاشكاليات التي تطرحها على مستوى التنفيذ، وآثارها المالية على ميزانيات الجماعات الترابية.

و في نهاية الندوة، تمت قراءة التقرير التركيبي من طرف السيد الحسين والقاضي الادريسي، طالب ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، وأسدل الستار على أشغال هذه الندوة، وأخذت صور تذكارية جماعية توثق لهذا الحدث العلمي المتميز.