مائدة مستديرة حول موضوع: السياسات العمومية لمقاربة النوع في قطاعي الصناعة التقليدية والتعاونيات

 


 انعقدت بقاعة الندوات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية باكادير، يوم الاثنين 03 يونيو 2019 على الساعة الخامسة بعد الزوال، مائدة مستديرة حول موضوع: السياسات العمومية لمقاربة النوع في قطاعي الصناعة التقليدية والتعاونيات. وقد تم تنظيم هذا اللقاء بمبادرة من فريق البحث حول القانون العام والحكامة والمركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات، بشراكة مع برنامج دعم الممول من طرف السفارة البريطانية بالمغرب، والذي يهدف إلى تشجيع جمعيات المجتمع المدني للقيام بأبحاث ميدانية ودراسات علمية تهم مختلف المجالات التي لها علاقة بالتنمية الاجتماعية والمستدامة؛ كالبيئة والصناعة التقليدية... وغيرها. وقد عرف هذا اللقاء حضور الأساتذة الباحثين واكاديميين وطلبة الدكتورة والماستر، إضافة إلى فعاليات المجتمع المدني.... وغيرهم.

هذا، وتم افتتاح أشغال هذه المائدة المستديرة التي ترأس جلستها الدكتور الحسين الرامي رئيس المركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات ومنسق الماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، بكلمة افتتاحية أكد فيها، بعد الترحيب بالحاضرين وشكر كافة المنظمين، أن اختيار برنامج دعم لكلية الحقوق من أجل تنظيم هذا النشاط العلمي يعد تكليفا قبل أن يكون تشريفا، معتبرا أن انفتاح المجتمع المدني على الجامعة والعلم والمعرفة من شانه أن يساهم في تطوير قدراته التدبيرية والتنظيمية، في إطار الجمع بين النظري والتطبيقي المتجسد في الممارسة الميدانية، مما سيمكن لامحالة من تحقيق أهداف تنموية واجتماعية مرجوة ومستدامة. كما أشار إلى أن اشتغال جمعيات المجتمع المدني بمنهجية علمية من شانه أن يضيف قيمة لأبحاثها الميدانية، من خلال جعلها مرجعية للتخطيط ووضع الاستراتيجيات من قبل مدبري الشأن العام الوطني والمحلي، وان يرتقي بالممارسة إلى مستويات الحكامة الجيدة في تدبير الموارد وتحقيق نتائج أفضل.

 وفي كلمته بالمناسبة، عبر ممثل برنامج دعم عن امتنانه للمنظمين والحاضرين الساهرين على إنجاح هذا النشاط برحاب كلية الحقوق، كمحطة من بين المحطات التي سبقتها بمراكش ورزازات وايت ملول، مبرزا أن برنامج دعم يعد مباردة ممولة من طرف السفارة البريطانية بالمغرب، الهدف منه هو تقوية قدرات جمعيات المجتمع المدني التي تبادر إلى إجراء أبحاث ميدانية، التي لها علاقة بالسياسات العمومية والاجتماعية بالأساس تحت شعار ما سمي ب "مقهى السياسات الاجتماعية"، وكذا خلق نوع من النقاش وتقريب الرؤى وتبادل الأفكار، بهدف اقتراح مشاريع بحوث جديدة تدرس وتمول من طرف برنامج دعم، الذي ستنطلق نسخته الثانية في أكتوبر 2019 القادم.

بعد هاتين الكلمتين المقتضبتين، تم الانتقال مباشرة إلى تقديم المداخلتين المبرمجتين في هذا اللقاء وهما على الشكل التالي:

المداخلة الأولى: مقاربة النوع لإدماج الصانعات التقليديات في القطاع المهيكل:

من خلال هذه الدراسة الميدانية التي أنجزتها جمعية النخيل، أشار ممثل الجمعية في عرضه إلى أن القطاع غير المهيكل بالمغرب لازال يحتل مكانة مهمة في عديد الأنشطة اليومية لشريحة عريضة من السكان، من ضمنها قطاع الصناعة التقليدية الذي يشغل عددا كبيرا من اليد العاملة وخاصة النساء الصانعات التقليديات بشكل اكبر، مما يجعلهن ومعهن الفتيات الشابات والأطفال في وضعية صعبة معرضات للاستغلال أو ما اسماه مقدم العرض بالعنف الاقتصادي. هذا السياق العام جعل الجمعية، حسب قوله، تنكب على انجاز هذا البحث الميداني، للوقوف عند هذه الوضعية التي تعيشها الصانعات التقليديات، من خلال جرد المشاكل والاكراهات التي تواجه القطاع والخروج بالتوصيات، من خلال تحليل النتائج بغية اقتراح حلول وبدائل من شانها إقناع النساء وتحسيسهن بالانخراط الايجابي في هيكلة أنشطتهن وضمان ديمومتها.

هذا، وتمحورت إشكالية هذا البحث الميداني في مدى البحث عن العوامل المؤثرة في نسبة إدماج وولوج النساء إلى قطاع الصناعة التقليدية المهيكل؟ وهل لازال هذا القطاع حكرا على الرجال دون المساواة مع النساء؟

وبالنسبة للمنهجية المعتمدة في هذا البحث الميداني، ابرز ممثل الجمعية إلى انه تم اعتماد المنهجية المزدوجة: الكمية والكيفية من خلال اللجوء إلى استمارات، والتي بلغت في مجملها 200 استمارة والى مقابلات بلغت 7 مقابلات،إضافة إلى تنظيم ما مجموعه أربع ورشات بؤرية، تم خلالها استهداف الرجال والنساء اللائي مررن إلى مستوى الهيكلة بنسبة 25 بالمائة والنساء الصانعات غير المهيكلات، بخمس مناطق بمدينة مراكش. كما أشار إلى أن هذا البحث استهدف أيضا النساء اللائي تتراوح أعمارهن مابين 16 و60 سنة، بمستويات دراسية مختلفة: من الأمية 26 بالمائة، فالكتاب 9 بالمائة ثم التعليم الأولي27 بالمائة إلى الثانوي24 بالمائة فما فوق بنسبة 9 بالمائة. هذا، بالإضافة إلى وضعيتهن العائلية: من العازبات وربات البيوت فالمطلقات ثم الأرامل.

 وفي إشارته إلى النتائج المتوصل إليها جراء هذا البحث الميداني، عرج ممثل جمعية النخيل على أن عدد الصانعات التقليديات المهيكلة على مستوى مدنية مراكش، يبقى ضعيفا، نظرا لعدة عوامل تتجلى في غياب فرص بلورة مشاريع مهيكلة، ومحدودية وسائل الولوج إلى المعلومة، غياب القيادة لدى النساء، ضعف المستوى التعليمي للصانعات التقليديات، إضافة إلى ضعف التكوين المعرفي والتطبيقي الذي لا يساير متطلبات اقتصاد السوق الحالي. وهنا استعرض بعض الأرقام التي تنم عن ضعف مساهمة النساء الصانعات التقليديات في هيكلة أنشطتهن حيث بلغت النسبة 10 بالمائة فقط من مجموع الفاعلين في القطاع، كما أن نسبة معرفة النساء ببرامج وسياسات مؤسسات الدولة المشرفة على القطاع تبلغ 27 بالمائة مقابل 75 بالمائة يجهلنها. ومن بين العراقيل التي تقف أمام إدماج النساء الصانعات في القطاع المهيكل تمت الإشارة إلى:

-  ضعف المستوى الدراسي للنساء والأزواج؛

-  غلبة العنصر الذكوري على قطاع الصناعة التقليدية لأبعاد تاريخية وثقافية؛

-  غياب سياسات إستراتيجية محلية وجهوية، خاصة بالنساء المشتغلات داخل القطاع الغير المهيكل؛

-  تعقد المساطر الادراية المرتبطة بإنشاء المقاولة والولوج إلى التمويل؛

-  خوف النساء من المتابعات القضائية والضريبية من طرف مديرية الضرائب؛

-  عدم الاستقرار المهني في قطاع الصناعة التقليدية حيث أن 40 بالمائة من النساء يشتغلن بطريقة موسمية.

 وانطلاقا من تحليل النتائج المتوصل إليها في هذا البحث الميداني، استعرض ممثل الجمعية أهم التوصيات التي خرجت بها الدراسة، من اجل تيسير ولوج النساء إلى القطاع المهيكل للصناعة التقليدية، والتي تتجلى فيما يلي:

-  ضرورة وضع شبابيك للمعلومات والإرشادات لفائدة النساء الصانعات التقليديات فيما يخص بلورة المشاريع والولوج إلى البرامج، مع الأخذ بعين الاعتبار جدلية المغربي والامازيغي؛

-  ضمان إدماج النساء الصانعات التقليديات في القطاع المهيكل حسب مقاربة حقوقية من طرف الوزارات المعنية والمؤسسات المشرفة بدون تمييز؛

-  تمكين الصانعات التقليديات في القطاع الغير المهيكل من المعلومة والمواكبة وتنمية القدرات؛

-  تقوية برامج تنمية القدرات لدى النساء فيما يخص حقوقهن الكونية ومقاربة النوع بالنسبة لموظفي قطاع الصناعة التقليدية ومنتخبي غرف الصناعة التقليدية؛

-  ضمان تدبير جيد للمالية العمومية المخصصة لقطاع الصناعة التقليدية على قدم المساواة؛

-  ضمان محيط الاشتغال السليم، يحترم مقتضيات مدونة الشغل المتعلقة أساسا بالحماية الاجتماعية، بظروف العمل المناسبة وبالعيش الكريم؛

-  تبسيط المساطر الإدارية، والتكوين المستمر والتحفيز على خلق الأنشطة المدرة للدخل والمناسبة للوضعية الاجتماعية للنساء الصانعات التقليديات في وضعية صعبة؛

-  تمتين وتعزيز حضور النساء في غرف الصناعة التقليدية وكذا على مستوى شبكات الترافع وعلى المستوى النقابي أيضا.

-  تقوية سياسات واستراتيجيات التواصل والقرب والتنسيق بين المؤسسات المشرفة على قطاع الصناعة التقليدية لضمان الالتقائية والاندماج والنجاعة المطلوبة.

تعليق فاعل محلي في التنمية الاجتماعية على الدراسة الميدانية لجمعية النخيل:

وفي تعليقه عن هذا البحث الميداني المنجز من طرف جمعية النخيل بمراكش، ركز السيد خالد قوبع الفاعل المحلي في التنمية الاجتماعية باكادير، بعد شكره لجميع أعضاء ومنخرطات ومنخرطي جمعية النخيل على حسن اختيارهم لهذا الموضوع وعلى اختيارهم الاشتغال وفق منهجية علمية، لدراسة هذه الإشكالية وكذا تحليلها وتقييمها، عن طريق معطيات كمية ونوعية، والخروج بنتائج وتوصيات مهمة قابلة للتفعيل على المستويين الوطني والجهوي ثم المحلي، وعلى تحليل مجموعة من المعايير العلمية المتبعة في هذه الدراسة الميدانية من خلال النقط التالية:

العنوان: باعتباره يوضح بشكل كبير وجيد الإشكالية المراد دراستها في هذا البحث، فهو عنوان جذاب وملفت يستهوي القارئ للاطلاع على فحوى ومضمون هذه الدراسة الميدانية.

الملخص: في هذا الإطار شدد السيد خالد قوبع على ضرورة أن يكون واضحا، بحيث كان من المستحسن أن يتحدث عن مجموعة من الأهداف الخاصة، بدل الاكتفاء بهدف وحيد وذلك لتسهيل البحث على فريق العمل للخوض في هذا المجال بنوع من الأريحية.

المقدمة: بخصوص هذه النقطة تمت الإشارة إلى انه كان يجب أن توضح مجال الدراسة وأهميتها وأسباب اختيارها، من خلال الانتقال من السياق العام إلى الخاص، ثم الخروج بالنتائج والتوصيات المناسبة والمهمة والدقيقة.

أهداف الدراسة: تتجلى أهميتها في كونها تشكل خارطة الطريق لفريق البحث، مما يستدعي تفريعها وتدقيقها بشكل جيد.

صياغة الإشكالية: من الملاحظات المتعلقة بهذه النقطة، تمت الإشارة إلى أنها كانت على شكل سؤال رئيسي جوهري مهم. لكن كان من الأفضل أن يتم طرح مجموعة من التساؤلات الفرعية من اجل تسهيل طريقة العمل على فريق البحث، بحيث أن البحث الوطني المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط في هذا الإطار، أشار إلى أن جهة مراكش تأتي في المرتبة الثانية وطنيا من حيث عدد الفاعلين في قطاع الصناعة التقليدية الغير المهيكل. وبالتالي يمكن استثمار هذا المعطى من اجل تدقيق البحث أكثر.

المنهجية المتبعة: بالرغم من الإشارة في العرض إلى كونها مزدوجة بين الكمية والنوعية، إلا انه لم تظهر بشكل جلي نتائج الورشات البؤرية والمقابلات التي تم القيام بها في هذا البحث، علما أن تلك النتائج جد مهمة بحيث ستمكن من إبراز نتائج خاصة بالفاعلين المؤسساتيين والمتدخلين الآخرين في القطاع، بالإضافة إلى تلك المتعلقة بالنساء الصانعات الحرفيات التي ارتكزت عليها الدراسة. فاختيار العمل ب 200 استمارة تبقى جد مهمة من حيث العدد، لكن هناك إشكال في طريقة اختيار العينات، بحيث هناك 80 بالمائة من القطاع الغير المهيكل و20 بالمائة من القطاع المهيكل. وبالتالي نطرح السؤال كم هو عدد ونوعية العينة الأم؟ وبالتالي يمكن لهذا المعطى أن يكون له تأثير واضح على النتائج التي ستخرج بها الدراسة، كما أن هناك إمكانية لاستثمار عملية تقاطع المتغيرات والاستفادة من استثمار الدراسات السابقة المنجزة في هذا الميدان ومقارنتها بالنتائج المحصل عليها بجهة مراكش، لكونها تتميز بوجود عدد كبير ومتنوع من الحرف والمهن. وبالتالي يجب فرز هذه الحرف حسب نوعية القطاع: هل تدخل في القطاع المهيكل أم في القطاع غير المهيكل؟

الأدوات والوسائل المستعملة في جمع المعلومات: هنا نوه المعلق بفريق العمل على طريقة اختياره الوسائل، بحيث تنسجم مع الطريقة المتبعة في الأبحاث الجامعية والعلمية التي ينجزها الطلبة،مما يدل على كفاءة فريق البحث الذي أنجز هذه الدراسة الميدانية، مع الإشارة إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار كذلك النتائج السوسيو-ثقافية، نظرا لأهميتها في هذا المجال.

النتائج: النتائج المحصل عليها كانت تنم عن مجموعة من الاكراهات التي تعترض القطاع على مستوى جهة مراكش، لكنها تتشابه مع غيرها من مناطق أخرى على الصعيد الوطني.

التوصيات: من أهم الملاحظات التي تم ابداؤها في هذا الجانب، أكد المعلق على أن صياغة التوصيات تعد من الأساسيات في أي بحث ميداني. فمن خلال تلك التي تم التوصل إليها في البحث الذي بين أيدينا، نجد أن معظمها لها صبغة وطنية. وبالتالي كان من الأجدر ربطها بخصوصيات محلية لأنها تختلف من منطقة إلى أخرى، إذ أن معظم الصانعات التقليديات في القطاع الغير المهيكل يشتغلن في بيوتهن أكثر من المحلات ودور الصانع...الخ.

 هذا وختم الاستاذ خالد قوبع كلمته بالتأكيد على أن هذا البحث الميداني الذي أنجزته الجمعية في مجمله، بحث علمي مبني على منهجية علمية، يبرز قدرات وكفاءة فريق العمل، مما يستدعي اقتسامه مع فعاليات أخرى من المجتمع المدني وكذا مختلف الفاعلين المؤسساتيين الآخرين في القطاع، حتى يكون من المرجعيات المعتمدة في بلورة استراتيجيات مستقبلية تهم القطاع.

المداخلة الثانية: القطاع التعاوني والإدماج المستدام للنساء في وضعية الهشاشة بجهة فاس- مكناس:

خلال تقديم هذه الدراسة الميدانية التي قام بانجازها المركز المغربي للدراسات والأبحاث حول المقاولة الاجتماعية، أشار مقدما العرض إلى أنه وفي إطار الانخراط في مسالة ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للجميع على قدم المساواة، يبقى سؤال الإدماج الاقتصادي للنساء في صلب اهتمام السياسات العمومية واستراتيجيات عمل المنظمات الغير الحكومية الدولية الفاعلة في مجال التنمية. فالمغرب اخذ على عاتقه سلوك مسار المقاولة من اجل ضمان الإدماج الاقتصادي للنساء في سوق الشغل. وفي هذا الإطار يشكل القطاع التعاوني دعامة أساسية لتشجيع المبادرات المقاولاتية للنساء في وضعية الهشاشة، في الوقت الذي كان فيه العمل التعاوني غير معرف في بعديه الكمي والنوعي، إضافة إلى جهل قدرته على الإدماج المستدام.

 كل ذلك شجع المركز على القيام بهذا البحث الميداني باعتماد مقاربة علمية مزدوجة، بهدف الوقوف عن كثب على نتائج ميدانية مهمة، من شانها أن تشكل أرضية صلبة لبلورة مجموعة من التوصيات الكفيلة عن الإجابة على الإشكالية الجوهرية أو الإشكاليات التي يطرحها القطاع التعاوني للنساء المتعاونات بجهة فاس مكناس، خاصة في العالم القروي الذي يحتضن هذا النوع من الأنشطة الاقتصادية بالدرجة الأولى من جهة، وكذا فتح المجال لتحديد الآفاق المستقبلية للقطاع التعاوني النسائي بذات الجهة المذكورة من جهة ثانية.

 ففي ما يخص الإشكالية التي يعالجها هذا البحث الميداني، فإنها تتمحور حول السؤال عن مدى قدرة القطاع التعاوني بالمغرب (جهة فاس مكناس بصفة خاصة) على خلق مناصب شغل قارة وحيوية لفائدة النساء المنحدرات من الأوساط الهشة.؟

 ومن خلال المنهجية المتبعة لدراسة هذه الإشكالية، فقد تم الاعتماد على مقاربة مزدوجة تجمع بين ما هو كمي وما هو نوعي، مكن من وضع فرضيتين أساسيتين: تتمثل الأولى في كون القطاع التعاوني يساهم بشكل ايجابي في الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للنساء في وضعية الهشاشة، والثانية في كون القطاع التعاوني يكرس الفقر والهشاشة ولا يساهم في إخراج النساء من وضعيتهن الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يتخبطن فيها.

 وبالنسبة للنتائج المتوصل إليها في هذا البحث الميداني، تم التأكيد من طرف مقدمي العرض على أن:

-  العمل التعاوني بالجهة يعيش وضعية صعبة سواء من حيث الكم أو النوع فيما يتعلق بخلق مناصب الشغل؛

-  51 بالمائة من النساء المتعاونات يشتغلن بطريقة موسمية بحيث يتشكل الجزء الاكبر منهن من القاصرات؛

-  ضعف المداخيل بالنسبة للأعضاء أو المستخدمين والعاملات الموسميات وكذا المتدربات؛

-  غياب التغطية الصحية والحماية الاجتماعية والأمن الوظيفي والمهني لمعظم، إن لم نقل لجل المتعاونات؛

 وفي هذا المجال، تم عرض مجموعة من المؤشرات والنسب المئوية الخاصة بتفاصيل نتاج هذه الدراسة على شكل جداول، تبرز مدى تأثير تلك المؤشرات على خلاصة النتائج المتوصل إليها.

 وفيما يتعلق بالتوصيات المنبثقة من تحليل نتائج هذا البحث الميداني، فقد تم حصرها في ما يلي:

-  ضرورة خلق قاعدة بيانات جهوية ووطنية تتعلق بالاشتغال في القطاع التعاوني؛

-  دعم وتشجيع خلق مجموعات التعاونيات بهدف الرفع من قدرتها غلى توفير مناصب شغل همة وقارة لفائدة النساء بالجهة؛

-  مراجعة الترسانة القانونية المنظمة للقطاع التعاوني والاقتصادي التضامني، كي تأخذ بعين الاعتبار خصوصية العمل التعاوني؛

-  توضيح الوضعية القانونية للنساء المتعلمات؛ وضع آليات كفيلة بالحصول على المعلومات الضرورية وكذا دعم التكوين في القطاع التعاوني والتحسيس بقيمه ومبادئه لدى المقاول الذاتي من جهة والباحث عن العمل من جهة ثانية.

تعليق فاعل جمعوي في مجال التعاونيات:

 في مستهل تعليقه على البحث الميداني الثاني الذي تم عرضه خلال أشغال هذه المائدة المستديرة، أكد الأستاذ خالد ألعيوض على أن أهمية هذا اللقاء تكمن في كونه فرصة لتقاسم التجارب وتبادل الخبرات، عن طريق انفتاح الجامعة على النسيج التعاوني والجمعوي، وكذا اعتبار برنامج دعم بمثابة اتجاه جديد في المغرب يهدف إلى تطوير القطاع التعاوني والجمعوي، في أفق هيكلته وتحسين مردوديته حتى يتسنى له المساهمة بشكل فعال في الاقتصاد التضامني كما تحث على ذلك المنظمات الدولية، وجعله قطاعا مهيكلا وقويا قوامه الإنتاجية والاستدامة. كما أثار في ذات السياق، مجموعة من الملاحظات همت البحث الميداني موضوع التعليق، وهي كالآتي:

العنوان: هنا أشار إلى وجود عنوانين للبحث: عنوان على مستوى الملصق وعنوان على مستوى العرض المقدم. وبالتالي يصعب تحديد مضامين البحث الميداني المنجز من قبل القارئ بشكل دقيق. وبالتالي وجب اختيار عنوان مناسب وهادف للبحث.

المنهجية المتبعة: فبالرغم من كونها مزدوجة تجمع بين الكم والكيف، فانه من الأفضل أيضا الاعتماد على الدراسات السابقة في هذا المجال، مع التركيز على جهة فاس- مكناس فقط دون غيرها. كما يتعين تحديد الهشاشة نظرا لكون النساء المتعاونات لسن كلهن في وضعية هشاشة، وبالتالي لابد من وضع معايير أخرى دقيقة لتحديد المجالات المعنية بالظاهرة. كما ابرز ضرورة رفع اللبس بين التعاونيات والمقاولات، حيث الدراسة يجب أن تركز على المتعاونات داخل التعاونيات بالدرجة الأولى وليس على الفئات القليلة المتعلقة بالمديرات والرئيسات.

إشكالية الدعم: بخصوص هذه النقطة تمت الإشارة إلى أن القطاع التعاوني مرتبط بشكل أساسي بالمخططات، التي تكون مقرونة بدعم مالي، كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبالتالي تساءل عن مآل التعاونية في غياب الدعم المادي؟ فالقطاع التعاوني في المغرب يواجه تحديين مهمين يتعلق الأمر بالتسويق والاستدامة. فهل التعاونية أو الجمعية قابلة لأن لاستدامة انشطتها بدون دعم ؟ هل يمكن أن تدخل في مجموع التعاونيات ؟ هل هي قادرة على المنافسة؟ كلها جوانب يرى الأستاذ العيوض ضرورة استحضارها والتركيز عليها، حتى تشكل تكملة لنتائج هذا البحث الميداني.

 وبعد اختام المداخلات المبرمجة خلال أشغال هذه المائدة المستديرة، تم فتح النقاش مع عموم الحاضرين الذين تفاعلوا مع مضامين العروض من خلال إبداء مجموعة من الملاحظات وطرح تساؤلات تمحورت معظمها حول النقاط التالية:

-  اعتبار المستوى الدراسي والتعليمي للنساء الحرفيات غير مرتبط بهيكلة أنشطتهن، حيث أن معظم النساء الناجحات اللائي ولجن إلى الهيكلة هن خريجات برامج محو الأمية؛

-  هل القطاع التعاوني وقطاع الصناعة التقليدية يشكلان رافعة للاقتصاد التضامني من خلال تحليل نتائج البحثين؟

-  هل هناك نساء متعاونات خرجن من الهشاشة إلى الاستقلالية والهيكلة؟

-  ماهي حدود الانفتاح على الجماعات الترابية بمختلف أصنافها كفاعل في التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية و خدمات القرب من خلال البحثين الميدانيين؟

-  اعتبار النسب المئوية غير معبرة، عوضا عن العدد الحقيقي للتعاونيات والمتعاونات؛

-  عدم ملامسة الآفاق المستقبلية من خلال البحثين الميدانيين، التي تضمن الاستمرارية، الديمومة، التنافسية والتدبير المندمج للموارد في إطار التنمية المستدامة؛

-  ماهي حدود تطبيق القانون 12-112 المتعلق بالتعاونيات؟

-  ضرورة أن يكون هناك وعي بهيكلة التعاونيات، لان هناك رقم الأرباح يصعب الوصول إليه، حتى يتم فرض الضرائب على هذه التعاونيات؛

-  ضرورة تعميم الدراستين وتقاسمهما حتى تعم الفائدة الجميع؛

-  هل تعدد المؤسسات والأطراف المتدخلة في قطاع التعاونيات والصناعة التقليدية، يشكل عائقا أمام تطور هذه الأخيرة؟

-  ماهو دور الدولة والجماعات الترابية في تجويد خدمات التعاونيات فيما يخص خلق مناصب شغل بكل مكوناتها من تغطية صحية، التقاعد، التامين.... وغيرها؟

هذه الملاحظات والتساؤلات التي تم طرحها، كانت محط تفاعل من طرف المتدخلين خلال أشغال هذه المائدة المستديرة، حيث تمت الإجابة على بعضها وتوضيح البعض الأخر كما يلي:

-  ضرورة حضور ممثلي التعاونيات في المؤسسات العمومية كمخاطب داخل لجن المراقبة؛

-  التأكيد على ضرورة ضبط المفاهيم في السياق العام قبل طرح الإشكالية والفرضيات المنبثقة عنها؛

-  ضرورة تصنيف التوصيات وفرز المؤسسات المخاطبة، كل حسب مجال اشتغالها، بما يضمن الالتقائية والتنسيق فيما بينها؛

-  اعتبار الإنتاج هو الأساس، بدل التركيز على مساطر خلق المقاولة أو التعاونية؛

-  تأكيد فكرة تقاسم البحوث الميدانية حتى تعم الفائدة؛

-  اعتبار هيمنة العقلية الذكورية على قطاع الصناعة التقليدية والقطاع التعاوني، نابعة من مرجعية تاريخية؛

-  اعتبار تمثلات النساء للمؤسسات المشرفة على القطاع التعاوني، عائقا يقف أمام هيكلة هذا الاخير؛

-  ضرورة بلورة رؤى إستراتيجية للرقي بالتعاونيات، عن طريق دعم مؤسسات الدولة للقطاع؛

-  اعتبار التكوين ذو أهمية، لكن يبقى غير ضروري لتحقيق النجاح في القطاع الحرفي والتعاوني؛

-  اعتبار ضعف تمثيلية النساء في مراكز القرار( الغرف المهنية) عائقا أمام الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للنساء الحرفيات والمتعاونات؛

-  الحضور القوي للمسؤوليات الأسرية وغياب التنسيق بين المؤسسات الحكومية، له تأثير كبير على ولوج النساء الحرفيات والمتعاونات إلى الهيكلة وتحقيق المردودية في الإنتاج؛

-  التأكيد على صعوبة البحث في القطاع التعاوني فيما يخص تحديد المسؤوليات. فمعظم التعاونيات الناجحة لها طابع عائلي....

 وهكذا تم إسدال الستار على هذه المائدة المستديرة الناجحة من جميع الجوانب، والتي لقيت استحسان الجميع من أساتذة جامعيين وأكاديميين وطلبة وفعاليات المجتمع المدني وعموم الحاضرين، الذين ضربوا مواعيد لمختلف الأنشطة الأخرى المزمع تنظيمها في قادم الأيام.