نظمت كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، بمبادرة من
فريق البحث في القانون العام والحكامة ومختبر البحث في القانون والفقه والعمل القضائي
ومختبر القانون والمجتمع وفريق البحث حول الدراسات القانونية والسياسية وبتنسيق مع
المركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات ندوة دولية عن بعد حول موضوع " التعليم عن بعد: قراءات متقاطعة في
التجارب المقارنة " وذلك يومي السبت
والأحد 09 و10 ماي 2020. وقد شارك في هذه التظاهرة
العلمية مستشار رئيس الحكومة المغربية المكلف بالتربية والتكوين ونخبة من الأساتذة
ونواب رؤساء الجامعات والعمداء ونواب العمداء من المغرب(جامعة ابن زهر وجامعة محمد الخامس) ولبنان(الجامعة
اللبنانية الدولية) والأردن(جامعة الزرقاء) و البحرين(الجامعة الأهلية) و فلسطين (جامعة القدس المفتوحة).
لقد شكلت الندوة
مناسبة لطرح مجموعة من التساؤلات ومناقشتها واستشراف الآفاق المستقبلية في سياق
الظهور المفاجئ لوباء كورونا المستجد الذي تمكن من إغلاق المدارس والمعاهد
والجامعات، وفي سياق إلزامية وأهمية استمرار مرفق التعليم في تقديم الخدمات لجمهور
التلاميذ والطلاب، وتباين التجارب وطرق التعامل مع الوضع الجديد. هي تساؤلات همت بالأخص:
✓
حصيلة تجربة التعليم عن بعد في علاقتها بسؤال البنيات التحتية والتجهيزات
الإلكترونية والموارد الضرورية لربح رهان التجربة؟
✓
آراء ومواقف أعضاء هيئة التدريس من تجربة التعليم عن بعد والاستعداد النفسي
والتقني لخوضها وفي غياب التفاعل والتواصل المباشر مع التلاميذ والطلبة؟
✓
آراء التلاميذ والطلاب والأسر من تجربة التعليم عن بعد؟
✓
تكافؤ الفرص بين التلاميذ والطلاب
في الولوج لخدمات التعليم عن بعد وسؤال وضعيتهم الاجتماعية وظروفهم المادية
والسكنية؟
✓
تجربة التعليم عن بعد وإمكانية
الحديث عن تعويضه للتعليم الحضوري في غياب القيام بتقييم شامل ومحايد وموضوعي
للتجربة؟
✓
إمكانية استثمار التجربة ومأسستها وشرعنتها في غياب الشروط والظروف
الملائمة لخوضها؟
على ضوء التساؤلات
السالفة الذكر وأخرى، تمت برمجة جلستين علميتين عرفتا عرض تجارب ست جامعات مغربية
وعربية وتقديم مداخلات أخرى حاولت ملامسة العديد من الإشكالات التي طرحتها تجربة
التعليم عن بعد.
في ختام الجلستين
العلميتين والنقاش المثمر الذي تلاهما، يمكن تسجيل الخلاصات والتوصيات التالية:
➢
أهمية العمل على ضمان تكافؤ الفرص بعد العودة إلى المؤسسات التربوية لجميع
الطلبة والتلاميذ والحرص على عدم التعامل مع مسألة التعليم عن بعد باعتباره فقط
وسيلة وإنما ينبغي تحريك الوعي والتحسيس بأنه يحمل نموذج فكري واقتصادي وتكنولوجي. من هذا المنطلق، يجب إعطاء الأولوية لبناء الجامعات وتقريبها من الساكنة في
كل الجهات، وتعزيز مكانة ودور الجامعة المغربية باعتبارها حاملة لمشروع اجتماعي
والقيم وأخلاقيات ولتملك الوسائل التكنولوجية وتوجيهها نحو خدمة هذه الأهداف
والأولويات.
➢
الحرص على ألا يتحول التوقف المؤقت عن الدراسة الحضورية إلى توقف دائم عند
فئات من الطلبة والتلاميذ وخاصة في صفوف الفتيات والمناطق الهشة.
➢
ضرورة بلورة نظام تربوي جديد يوفر الشروط الموضوعية وفق مقاربة تشاركية
تأخذ بعين الاعتبار كل مكونات العملية التربوية من إداريين وأساتذة وطلبة وتلاميذ،
بهدف مواكبة المتغيرات التي تفرضها التحديات المستجدة وبلوغ الجودة والفعالية؛
➢
سن تشريعات وطنية تنظم برامج التعليم عن بعد والجامعات المفتوحة وتضمن لها
الاعتراف والاعتماد مع سن المقتضيات القانونية الكفيلة بتحقيق أهداف ومقاصد
وأخلاقيات التعليم الجامعي عن بعد، حتى لا يتحول إلى مرتع للتسيب والتهرب من أداء
الواجب المهني
➢
توفير الشروط الموضوعية لإنجاح
عميلة التعليم عن بعد في المستويات ما قبل التعليم الجامعي وتجاوز المعيقات
المطروحة كنوع من التحضير القبلي للمستويات الجامعية، باعتبار أن نجاح التعلم
الجامعي لا يرتهن بضمان تجويده وإرساء شروط نجاعته فحسب، بل يرتهن أيضا بمدى توفر
هذه الشروط في المستويات الدنيا؛ حيث يمكن،مثلا،تخصيص جزء من حصص المواد المدرسة
في المرحلة الثانوية ليتم تعلمها عن بعد.
➢
وضع مناهج تعليمية تستحضر الخصوصيات المجالية والاقتصادية والاجتماعية
واستحضار معايير الموضوعية في درجة اعتماد التعليم عن بعد كأسلوب مكمل، والابتعاد
عن النمذجة في التعاطي مع هذه التقنيات، بشكل يمكن من بلوغ أهداف العملية التربوية
والتعليمية والبحثية على اختلاف المستويات التعليمية واختلاف التخصصات.
➢
التفكير في أساليب جديدة على مستويات التفاعل والتقييم، تأخذ بعين الاعتبار
قواعد الاشتغال عن بعد بالشكل الذي لا يجعل العملية التربوية تحيد عن أسسها
الضرورية والبحث عن طرق فعالة لتقويم الطالب عن بعد كوسيلة تكميلية ومساعدة.
➢
الاستفادة من التجارب الدولية الرائدة في مجال التعليم عن بعد وبناء شراكات
مع الجامعات العريقة في المجال مع إمكانية توحيد الجهود العربية لمجالات تطوير
التعليم المفتوح والتعليم عن بعد وخصوصا في مجال تطوير المناهج الجامعية
الالكترونية وتبادل الخبرات.
➢
التأكيد على أهمية المزاوجة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، لان
التعليم عن بعد لا يمكن أن يعوض كليا، الحضوري ولكون التعليم بالمستويات الجامعية
ليس مجرد تلقين معارف، بل الجامعة والمدرسة هي فضاء للتدريب واكتساب المهارات
والكفاءات واستدماج القيم.
➢
الحرص على المردودية البيداغوجية، وتكافؤ الفرص في توفير الإمكانيات،
والولوج إلى الخدمة قبل تعميم التعليم عن بعد ورقمنة الإدارة الجامعية كليا.
➢
التأكيد على أهمية تنظيم المناقشات والأنشطة العلمية عن بعد، وتخصيص
البنيات والتجهيزات والموارد الكافية لضمان شروط نجاحها مع التأكيد على أهمية
البحث عن طرق فعالة لتقويم الطالب عن بعد في سياق الأزمة الحالية.
➢
تشجيع البحث العلمي ودعم التكوين المستمر في مجال التكنولوجيا والاتصال
والاهتمام بالتطوير المهني لأعضاء هيئة التدريس خاصة في المجالات التقنية
والتربوية وتطوير المناهج وفقا لمتطلبات التعليم الالكتروني.
➢
العمل على إعادة الاعتبار للرأسمال المادي والرمزي لأعضاء هيئة التدريس على
كل المستويات التعليمية.
➢
التأكيد على أهمية تضافر جهود جميع القطاعات والجماعات الترابية والسلطات
المحلية بشكل خاص لتوفير الإمكانيات الضرورية لنجاح التعليم عن بعد للساكنة من
خلال تعبئة كافة الوسائل والرفع من الاستثمارات في مجال الرقمنة والنهوض بالوضعية
الاجتماعية للطلاب. وهو ما يستوجب
أيضا ردم الهوة الرقمية من خلال الاستثمار في مجال شبكات الواي فاي العمومي في
الجامعات والنقل العمومي، تكثيف الصبيب الإلكتروني، فك العزلة الإلكترونية عن بعض
المناطق وتوفير معدات الكترونية واشتراكات الانترنيت للطلبة.
➢
تعديل المادة الأولى من الفقرة 21 من القانون رقم 96.24 المنظم لتحرير قطاع الاتصالات، المحددة لمفهوم الخدمة الأساسية، وإضافة
التزام آخر على الفاعل في مجال الاتصالات بضرورة توفير حد أدنى لصبيب الانترنت في
كافة التراب الوطني وتحت مسؤوليته. ولعل هذا التعديل سيجعل من التزام الشركات العاملة في قطاع الاتصالات
بتوفير صبيب الانترنيت في حد كاف لضمان جودة الخدمة التزاما بنتيجة، وليس فقط
التزاما ببدل عناية في توفير الصبيب المذكور كما هو عليه الأمر الآن.
➢
أهمية الدفع في اتجاه التعليم عن بعد وتحفيز أعضاء هيئة التدريس على إعادة
التفكير في نهجهم تجاه التكنولوجيا واستخدامها لتوفير تجربة أكثر جاذبية للطلبة،
مما سيساهم في انخفاض التكاليف وتطوير الشراكات العابرة للقطاعات والدول وتطوير
التعاون الدولي بين الجامعات في إطار الانفتاح، حيث يمكن تدريس جزء من المقرر من
طرف أستاذ ينتمي إلى جامعة أجنبية بالتنسيق مع الأستاذ الرسمي. وهو ما يمكن الدفع في اتجاه التفكير في إحداث المدرجات والقاعات الافتراضية.
➢
التأكيد على أهمية تقييم تجربة التعليم عن بعد بشكل رسمي للتحقق من مدى
فعاليتها لتوفير أرضية صالحة وقادرة على تدشين انطلاقة جديدة ومشروع طموح مبني على
أسس متينة.
➢
تفعيل المقاربة التشاركية بين الجامعة ومؤسساتها من جهة والشركاء من المحيط
السوسيو-اقتصادي من جهة
أخرى، وذلك من أجل انجاز مشاريع تهم مجال العمل عن بعد.
➢
الاستثمار أكثر في التكنولوجيات الحديثة للاتصال والتواصل في قطاع التعليم
ككل والتعليم العالي أساسا سيرا على ما هو عليه الأمر في جميع الدول الرائدة في
هذا المجال، وذلك بتوفير مخصصات إضافية من الميزانية العامة لهذا الغرض، او على
الأقل احتياطا إعادة توزيع مخصصات الاستثمار في قطاع التعليم بالرفع مما هو موجه
للنهوض بالتكنولوجيات السالفة الذكر داخله، وهو الشيء الذي سيوفر أجهزة التعلم عن
بعد وملحقاتها لفائدة الفئات الأكثر حاجة داخل المجتمع.
➢
التأكيد على كون الجامعة الافتراضية هي ضرورة ولكن لا يمكن أن تكون خيارا
بديلا ولا خيارا موازيا، بل هي تعضيد وتأهيل للجامعة الواقعية ...فهي تجربة من داخل هذه الجامعة التي تحتاج إلى تأهيل واعتراف بما حققته من
تراكم إيجابي طيلة عقود.
➢
ضرورة اعتماد مقاربة الكيف في كل تعليم افتراضي كمدخل لإنجاحه اعتبارا
لكونه خيارا استراتيجيا، وترجيح معايير الجودة الشاملة لضمان عملية تقييم ومراقبة
مدى نجاعة أداء منظومة التعليم بصورة مستمرة.
➢
تثمين التراكم الذي تحقق خلال هذه الأزمة واعتباره أرضية ومنطلقا للتقييم،
وربطه بمشروع البكالوريوس الذي ينبغي أن يشكل مشروعا مجتمعيا يعكس رؤية المجتمع
لما ينبغي أن تكون عليه الجامعة العمومية المغربية وفق مقاربة تشاركية حقيقية.