لقاء علمي حول تحديات التحرير والسلطات التنظيمية الاقتصادية في المغرب

في إطار مشروع مقهى البحوث الممول من طرف السفارة البريطانية بالمغرب، وبتعاون مع مركز دعم وهو مركز يهدف إلى تقوية قدرات الجمعيات ومراكز البحوث في مجال السياسات العمومية، نظم المركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات، المعروف اختصارا ب "CEMAP" نظم الأخير يوم الخميس 23 سبتمبر 2021 على الساعة الرابعة والنصف مساء، بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بأكادير لقاء علميا حمل عنوان "تحديات التحرير والسلطات التنظيمية الاقتصادية في المغرب".

استمر هذا اللقاء العلمي المتميز، والذي أطره الأستاذ رشيد البزيم، وهو أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، بينا وقف على ترأسه وتسييره الأستاذ الحسين الرامي وهو أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير أيضا، كما يترأس إلى جانب ذلك المركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات، -استمر- إلى حدود السابعة مساء من نفس اليوم.

افتتح هذا اللقاء العلمي الهام بكلمة افتتاحية للمسير الأستاذ الحسين الرامي الذي قام بتقديم سياق إجراء هذا اللقاء، الذي يندرج ضمن الأنشطة العلمية التي ينظمها المركز بصفة دورية و مستمرة، كما قدم كذلك الأستاذ المؤطر إضافة إلى تقدير الشكر لمركز دعم على الشراكة المتميزة بينه وبين CEMAP، هذه الأخير المستمرة لسنوات وقد بدأت تؤتي أكلها خصوصا بالنظر إلى العدد المهم من اللقاءات و الأنشطة العلمية المتمخضة عنها، حيث أشار الأستاذ المقدم أنها شراكة مهمة للمركزين على حد سواء و يعملان على تقويتها و استمرارها، كما شكر الحاضرين قبل أن يسلم الكلمة للأستاذ المحاضر.

الأستاذ البزيم بدوره وفي إطار مداخلته، المتناولة لموضوع تحديات التحرير والسلطات التنظيمية الاقتصادية في المغرب، و الذي يبقى موضوعا مهما خصوصا وأنه كان موضوع مقالة علمية محكمة و منشورة في احدى المجلات العلمية المرموقة، ابتدأ هذا النقاش بفكرة أساسية مفادها أن عملية تحرير الأسواق و فتحها أمام المنافسة تستلزم التقنين و الضبط بالضرورة، هذه العملية الأخيرة تتم عن طريق هيئات التقنين و الضبط الوطنية المختلفة، ولعل أبرز هدف من أهدافها هو مراقبة زواج المال بالسياسة، و هي الفكرة الأساسية التي انبثقت عنها مجموعة من الأفكار و المعطيات، تتلخص فيما سيلي:

·        مرت عشر سنوات على الإصلاح الدستوري لسنة 2011، والذي جاءت استجابة لمطالب حركة 20 فبراير التي كان من بينها القطع مع الريع والفساد، وعليه مشروعية التساؤل عن الحصيلة بعد مرور عقد من الزمن.

·        تقرير البنك الدولي doing business صنف المغرب في المرتبة 60 عالميا في مناخ الأعمال، ومن بين الدول الأكثر لامساواة في شمال إفريقيا وعليه ما يبرر استمرار المعضلة الاجتماعية.

·        النظام الاقتصادي المغربي منذ الاستقلال هو نظام ليبرالي، وهو ما كان من المفروض أن يوفر سبل عيش أفضل وترسيخ ديمقراطية اقتصادية، هذه الأخيرة التي تعني من بين ما تعنيه عدم الاحتكار وحرية المنافسة، حيث يقول جون بيغون (حاثل على جائزة نوبل) في هذا السياق بأن المنافسة ليست غاية في حد ذاتها، وإذا لم تؤد إلى المساواة فيجب تصحيحها.

·        تساؤل أخر مشروع هل حقا تم تطبيق الدستور أم لا، أم أن الأدوار المرسومة لهيئات الضبط قد تلاشت؟

·        ملفات كثيرة وكبيرة في المغرب كانت من صميم عمل هيشات الضبط والمراقبة هاته، ومن بينها ملف الكهرباء، المحروقات، الاتصالات وغيرها شغلت الرأي العام الوطني كثيرا، ومن المهم الوقوف عندها ومساءلة الدور الذي قامت به هذه الهيئات حيال هذه الملفات

·        القطاع الخاص المغربي خصوصا المستفيد والمسيطر لا يشكل دافعا للتغيير على المستوى الاقتصادي، دون إغفال أن هناك قطاعات محمية من بينها قطاع الإسمنت كمثال

·        من بين النتائج التي خلصت إليها الورقة البحثية المنشورة ما يلي:

-         ضرورة تفعيل هيئات الرقابة لتقوم بدورها على أحسن وجه

-         المواطن لا يهمه الخطاب الأكاديمي ويعتبره نوعا من الترف، بقدر ما تهمه النتائج الملموسة وتأثير ذلك على معيشة اليومي.

-         التحرير لا يعني بالضرورة خفض الأسعار، غير أنه من المهم أن يصاحب بالقطع مع الريع، وهو ما ظهر جليا خلال حملة المقاطعة الشهيرة التي عرفتها بلادنا لثلاثة منتوجات مختلفة، حيث أن تراكم التصرفات الاحتكارية أدت إلى غضب اجتماعي ما أدى إلى هذه المقاطعة.

-         ضمان حرية المنافسة ومحاربة الريع بحاجة إلى عمل فعلي وهو بدوره ما يستلزم الاستقلالية

-         تداخل المال الاقتصادي بالسلطة السياسة أيضا بحاجة إلى قطيعة فعلية وفصل تام وأيضا زيادة منسوب الحكامة ومحاربة الريع والمحسوبية

-         السياق السياسي المغربي معقد، والنصوص القانونية برغم تطورها لا تترجم على مستوى الواقع، مع استحضار أن القطاع الخاص لم يستطع القطع مع الوضع القائم

هي إذن مجموعة من الأفكار كانت موضوع هذا اللقاء العلمي أتى الأستاذ المحاضر على ذكرها، وقد شكلت أيضا موضوع تفاعلات من طرف الحضور المكون من أساتذة جامعيين وطلبة باحثين وفاعلين مدنيين وغيرهم، كما صاحبها أيضا مجموعة من الأسئلة، تكفل المحاضر بالإجابة عنها.

أخيرا تناول الأستاذ المسير الكلمة من جديد، حيث عمل على تلخيص مجمل النقاط التي أتت المحاضر على ذكرها من خلال المداخلة، قبل أن يعمد إلى شكر الحضور والمحاضر وكذلك ممثل مركز دعم، ليسدل الستار أخيرا على هذا اللقاء بعد أن وعد المنظمون بموعد لاحق وقتما سمحت الظروف بذلك.