كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، السبت 10 أكتوبر 2018
ابتدأ الأستاذ المحاضر الدكتور عبد الرحيم العلام
مداخلته بالتذكير بكون الجهة هي أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة،
باعتباره تنظيما لا مركزيا يقوم على الجهوية المتقدمة، وقد تبنى المغرب هذا
التقسيم الترابي لدواعي اقتصادية واجتماعية وسياسية، وذلك في أفق منح الحكم الذاتي
للأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية.
و على مستوى التدبير، فإن شؤون الجهة تدبر في آن واحد من طرف سلطتين مختلفتين، سلطة التعيين ويمثلها الولاة، وسلطة الانتخاب ويمثلها رئيس مجلس الجهة، وهذا ما يجسد نوعا من الثنائية في التدبير، نجمت عنه علاقة تأثير وتأثر بين السلطتين، أحيانا متقاربة وأحيانا أخرى متباعدة ومتنافرة، حسب منظور كل واحدة منهما الى مختلف الإشكالات والقضايا المطروحة على صعيد الجهة.
و بعد هذا التقديم، انتقل الاستاذ المحاضر إلى عرض أهم
فصول الدستور التي تناولت تدبير الجهة، حيث أشار إلى أن المجالس الجهوية تنتخب
بالاقتراع العام المباشر حسب الفصل 135، كما أن التنظيم الجهوي يرتكز على مبادئ
التدبير الحر وعلى التعاون والتضامن حسب مقتضيات الفصل 136، وتساهم
الجهات في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال
ممثليها في مجلس المستشارين.
و
تضع مجالس الجهات، آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات
والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها، كما يُمكنهم تقديم عرائض،
قصد مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصاته ضمن جدول أعماله، وذلك في إطار
ترسيخ مفهوم " الديمقراطية التشاركية" التي جاء بها الدستور. غير أن المتدخل أورد في هذا
الإطار، وعلى سبيل المقارنة، بأن
مفهومي "الديمقراطية التشاركية" و"ربط المسؤولية
بالمحاسبة" يعتبران مفهومين متداولين فقط بالمغرب ولا وجود لهما في دساتير
الدول الأخرى، وكمثال الهند وسويسرا، لأن ممارسة الديمقراطية الحقيقية هي في حد
ذاتها نوع من التشارك والإشراك في تدبير الشأن العام، كما أن المحاسبة على تولي
المسؤولية تأتي بصفة تلقائية كردة فعل من طرف الناخبين تجاه العضو المنتخب، وعن
طريق التفعيل التلقائي للقوانين الزجرية في حالة حدوث مخالفات في التدبير.
وبناء
على مبدأ التفريع، تمارس الجهة اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة
واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة.
كما أنه في إطار تفعيل مبدأي التعاون والتضامن،
يُحدث لفائدة الجهات صندوق للتأهيل الاجتماعي، يهدف إلى سد العجز في مجالات
التنمية البشرية، والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات وكذا صندوق للتضامن بين
الجهات، بهدف التوزيع المتكافئ للموارد، قصد التقليص من التفاوتات المجالية بينها.
و في
إطار حديثه عن مجال المراقبة، أوضح الاستاذ المحاضر بأنه، حسب الفصل 145 من
الدستور، فإن ولاة الجهات يمثلون السلطة المركزية في الجهة ويعملون باسم الحكومة
على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون
المراقبة الإدارية ويساعدون رؤساء المجالس الجهوية على تنفيذ المخططات والبرامج
التنموية.
و
بعد التطرق إلى أهم المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجهة، انتقل إلى عرض أهم
البنود المندرجة في إطار القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، والتي تحكم
العلاقة بين السلطتين المتدخلتين في تسيير الجهة (سلطة التعيين وسلطة الانتخاب)،
بحيث ركز على الصلاحيات المخولة لرئيس الجهة، ثم بعد ذلك صلاحيات الوالي والتي
يمكن ذكر البعض منها على الشكل الآتي:
بالنسبة
لرئيس الجهة:
- يقوم
بتنفيذ مداولات المجلس ومقرراته,
- ينفذ
برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب ؛
- ينفذ
الميزانية ؛ ويعتبر الآمر بقبض مداخيل الجهة وصرف نفقاتها، بعدما كان هذا الدور من
اختصاص الولاة من ذي قبل.
- يدبر
أملاك الجهة ويحافظ عليها.
- يتخذ
الإجراءات اللازمة لتدبير الملك العمومي للجهة ويمنح رخص الاحتلال المؤقت للملك
العمومي طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ؛
- يتخذ
الإجراءات اللازمة بتدبير المرافق العمومية التابعة للجهة ؛
- يبرم
اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة.
بالنسبة
لوالي الجهة:
مقابل الاختصاصات المخولة لرئيس الجهة بصفته
سلطة منتخبة، فقد أوكل القانون التنظيمي رقم 111.14 كذلك مجموعة من الصلاحيات
لوالي الجهة والتي هي على الشكل التالي:
- ممارسة
المراقبة الإدارية على شرعية قرارات رئيس المجلس ومقررات مجلس الجهة.
- ترؤس
اللجنة التقنية التي تتألف من رئيس مجلس الجهة وعمال العمالات والأقاليم ورؤساء
مجالس العمالات والأقاليم وممثلي رؤساء مجالس الجماعات بنسبة ممثل لكل 5 جماعات
وكذا ممثلي القطاعات الحكومية المعنية ببرامج التأهيل الاجتماعي العاملين بالدائرة
الترابية للجهة.
- حضور
دورات لجنة الإشراف والمراقبة المتعلقة بالوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، بصفة
استشارية، ويمكن أن يقدم بمبادرة منه أو بطلب من الرئيس أو أعضاء اللجنة جميع
الملاحظات والتوضيحات المتعلقة بالقضايا المتداول في شأنها.
وفي نهاية عرضه، خلص الأستاذ المحاضر بأنه رغم الصلاحيات
الممنوحة لرئيس الجهة فإنها لازالت مقيدة بتدخلات الوالي في هذا الشأن، وهذا ما
أدى بأحد رؤساء الجهات (طنجة) إلى التصريح بان الجهة لم تأخذ بعد نصيبها من
الاستقلال الإداري والمالي بالشكل الكافي.
ولتأكيد الخلاصة المستنتجة، أورد الأستاذ المحاضر حالة
مجلس جهة كلميم واد نون الذي تم توقيفه، بعدما وجه والي الجهة تقريرا إلى وزير
الداخلية معتبرا ما يعرفه المجلس من اضطرابات وعدم الاستقرار أمرا خطيرا واستعجاليا
يقتضي التدخل، وهذا ما أدى بوزير الداخلية إلى إصدار قرار توقيف المجلس الجهوي
لجهة كلميم واد نون لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد مع تعيين لجنة خاصة يعهد إليها بتصريف
أمور المجلس الجارية خلال مدة التوقيف.
وفي الختام أخبر
الأستاذ المحاضر كافة الحضور بأنه نشر مقالا حول هذا الموضوع عبر موقع الجريدة
الالكترونية هسبريس، تحت عنوان، " أربع ملاحظات
على قرار توقيف مجلس جهة كلميم"، قصد البحث والإطلاع.