ندوة وطنية حول موضوع: نظام الرقابة على مالية الجماعات الترابية

 

في إطار الأنشطة العلمية التي تنظم برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة ابن زهر باكادير، نظم كل من طلبة ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، وماستر تحليل وتقييم السياسات العمومية بتنسيق مع فريق البحث في القانون العام والحكامة، ندوة علمية في موضوع " نظام الرقابة على مالية الجماعات الترابية " وذلك يوم السبت نونبر 10 نونبر 2018 بمقر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية باكادير.

  وقد ساهم في اشغال هذه الندوة مؤطرون ينتمون على مستوى البحث والممارسة الى مجال المالية العمومية المحلية مراقبة وتدقيقا. وفي الكلمة الافتتاحية للأستاذ الدكتور الحسين الرامي منسق ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، أشار إلى أن موضوع الندوة يندرج في إطار تقوية قدرات طلبة أسلاك الماستر المعنيين بالتكوين في مجال تقييم السياسات العمومية وحكامة الجماعات الترابية، فضلا عن مواصلة النقاش حول المالية العمومية المحلية والتي سبق بشأنها طرح سؤال الاستقلالية في ندوة سابقة.

وقد أشار إلى أن اختيار موضوع الرقابة يرتبط بالإشكاليات التي تثيرها الرقابة على المستوى القانوني والمالي والهياكل، من قبيل سؤال من يمارس الرقابة؟ وماهي أسسها؟ ونقط الضعف والقوة في نظام الرقابة؟ وسؤال التنسيق بين اجهزة الرقابة بمختلف مستوياتها؟

وفي اول مداخلة والمعنونة بـ: " نظام الرقابة على الجماعات الترابية وسؤال التنسيق بين الاجهزة" اشار الاستاذ سعيد ططي باحث في المالية العامة والشأن الترابي، إلى أهمية الرقابة بالنظر إلى حجم الأموال العمومية وتعدد الوحدات موضوع الرقابة من ادارات عمومية وجماعات ترابية وصناديق عمومية، كما استعرض اشكال الرقابة التي تخضع لها المالية المحلية من رقابة الشرعية الى الرقابة القضائية مرورا برقابة الملاءمة، كما استعرض الإطار القانوني المنظم لهذه الرقابة.

 وقد حاول المتدخل طرح ومناقشة الموضوع عبر مدخلين يتعلق الأول بتشخيص نظام الرقابة على المالية المحلية والثاني آفاق تطوير هذا النظام حيث أشار الى تعدد الأجهزة والفاعلين في مجال الرقابة المالية من خلال تدخلات كل من المجالس الجهوية للحسابات، والمحاسبين العموميين، والمفتشيات العامة لكل من وزارة المالية والادارة الترابية على مستوى وزارة الداخلية وهو ما أفضى الى ثلاث خلاصات أساسية:

-  نظام رقابة مالي مؤطر قانونا،

-  نظام مالي رقابي بجرعة قوية،

-  تعدد المتدخلين مع غياب رؤية مندمجة لمفهوم الرقابة على الجماعات الترابية.

وهو ما يستلزم برأي المتدخل تطوير نظام الرقابة من خلال ما يلي:

§    تطوير جودة تدخلات المراقبين ولا سيما المحاسب العمومي الذي تبقى مساهمته محدودة في تطوير تدبير المالية المحلية،

§    التوظيف الأمثل للمؤهلات والامكانيات،

§    دعم شركات التنمية المحلية لتدبير المرافق العمومية المحلية،

§    ضرورة وضع نظام لتدقيق العمليات المالية والمحاسبية للجماعات الترابية.

وفي المداخلة الثانية بعنوان "مستجدات مراسيم المحاسبة العمومية للجماعات الترابية على النفقات" قدم الاستاذ سالم لوبيز الإطار التقني لنظام المراقبة التراتبية للالتزام بالنفقات بعد أن مهد بالإطار العام لإصلاح نظام المحاسبة العمومية والذي يهدف إلى تفعيل مقاربة جديدة لتدبير الميزانية المبنية على النتائج، وتطوير أنظمة المعلومات المتعلقة بتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية ( نظام GID كنموذج) وأشار إلى أن هدف المشرع من الاصلاح يكمن في تقليص عدد المتدخلين، وتخفيف ثقل المراقبة، واعتماد مراقبة الشرعية بدل مراقبة الملاءمة التي يفرضها نظام الوصاية، والرفع من القدرة التدبيرية للجماعات الترابية من أجل امتلاك تقنيات المراقبة تحقيقا للفعالية.

وبعد ذلك استعرض نظام المراقبة التراتبية والتي ترمي إلى الافتحاص وفق نظام مرجعي يشمل:

 - كفاءة التدبير المالي - كفاءة تنفيذ النفقات - كفاءة المراقبة الداخلية - الكفاءة التدبيرية للمعلومات.

وعلى مستو ى الشروط والكيفيات فقد ميز بين نوعين من الرقابة التراتبية وهي:

اولا: مراقبة تراتبية مخففة للنفقات وهي لا تشمل مراقبة المشروعية التي تبقى على مسؤولية الآمر بالصرف بل تهم فقط مراقبة مدى توفر الاعتمادات والمناصب المالية، وصحة العمليات الحسابية، ثم الادراج المالي. وهذا النمط من المراقبة يهم أساسا نفقات الموظفين. وحتى تستفيد الجماعات الترابية من هذا النمط من الرقابة يشترط توفرها على نظام المراقبة الداخلية.

ثانيا: المراقبة التراتبية موضوع تخفيف اضافي، وقد أشار المتدخل إلى مجال تطبيقها على سبيل المثال في العقود والصفقات التي تقل قيمتها عن 1.000.000.00 درهم والاتفاقيات والعقود المبرمة مع المهندسين المعماريين. وحتى تستفيد الجماعات الترابية من هذا التخفيف الإضافي يشترط أن تتوفر بالإضافة على نظام المراقبة الداخلية، على نظام الافتحاص.

بعد ذلك استعرض المتدخل شكليات تنفيذ مراقبة الالتزام ومنظومة تتبع جودة النفقات التي تبقى من صلاحيات الخزينة العامة والتي تهدف الى التأكد من احترام المساطر، والتأكد من الكفاءة التدبيرية بالنسبة للجماعات الترابية للاستفادة من المراقبة التراتبية للنفقات.

وكخلاصات من أجل تأهيل الجماعات الترابية لاستيعاب هذا الاصلاح المتعلق بالتدبير المالي أكد المتدخل على ما يلي:

§    ضرورة إعادة هيكلة الآمرين بالصرف،

§    تسريع وثيرة الإصلاحات القانونية وفق رؤية تشاركية تعتمد الترشيد والتبسيط،

§    إعادة النظر في الأدوار التي يجب أن يلعبها المحاسب العمومي في مجال الاستشارة والمواكبة والتوجيه،

§    تحفيز وخلق تنافسية الجماعات الترابية من أجل تطوير أدائها.

وفي مداخلة الاستاذ محمد بنصغار الموسومة بـ: " النجاعة في خدمة رقابة المالية العامة"، أسس المتدخل موضوعه حول سؤال الرقابة كأساس لنجاعة المرفق العام. وقد أشار في هذا الصدد الى أهمية الرقابة التي تستمدها من حرمة المال العام الذي لا يمكن المساس به إلا فيما اقتضاه الصالح العام ووفق ما يقرره القانون، ثم أشار إلى أن إشكالية هو تموقعها بين حدين:

-  قلة او غياب تام للرقابة

-  أو وجود رقابة قوية يترجمها تعدد المتدخلين مما يطرح اشكال تناسق وتنسيق العمليات الرقابية.

وبعد أن ميز المتدخل بين التدبير المبني على الوسائل والتدبير المبني على النتائج، أكد أن التدبير بالنجاعة، كمقاربة تتأسس على عناصر الجودة والفعالية وتحقيق الأهداف ستمكن من:

-  اعادة تركيز الجماعات على مبرر وجودها وهو خدمة المواطن،

-  القيام بالممارسات الجيدة في مجال التدبير المالي.

وبعد ان استعرض أهم المستجدات التي جاء بها القانون التنظيمي للمالية والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية على مستوى التدبير المالي، خلص الى ضرورة وضع نظام رقابة عملياتي بسيط، ناجع ومحفز.

وفي الأخير فتح باب النقاش بشأن محاور الندوة التي تفاعل معها الحضور من خلال قيمة وجودة التدخلات والأسئلة المطروحة التي همت اساسا أهمية الرقابة المالية، واشكالات التنسيق، وسؤال الجدوى والتقييم، ومدى امكانيات التخفيف من هذه الرقابة