ندوة دولية حول موضوع: اللامركزية في مجال تدبير الأنظمة التربوية: رهانات وتحديات جودة خدمات التربية والتكوين والبحث العلمي



انعقدت يومي 28 و29 شتنبر 2018 برحاب كلية الحقوق بالمركب الجامعي لأيت ملول، أشغال الندوة الدولية في موضوع: "اللامركزية في مجال تدبير الأنظمة التربوية: رهانات وتحديات جودة التربية والتكوين والبحث العلمي"، بتنظيم مشترك بين كلية الحقوق بأكادير، ممثلة في فريق البحث حول القانون العام والحكامة وماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، وكلية الحقوق بأيت ملول من خلال مختبر الدراسات القانونية والاجتماعية والبيئية وفريق البحث حول السياسات والمعايير، وبشراكة مع المؤسسة الألمانية KONRAD ADENAUER.
انطلق هذا الحدث العلمي الدولي يومه الجمعة 28 شتنبر 2018 على الساعة التاسعة صباحا، بكلمات افتتاحية لكل من السيد نائب عميد كلية الحقوق بأيت ملول والسيد ممثل مختبر العلوم القانونية والاجتماعية والبيئية، والسيد ممثل فريق البحث في القانون العام والحكامة بكلية الحقوق بأكادير، والسيد منسق اللجنة التنظيمية لأشغال هذه الندوة.
وقد أكد السادة المتدخلون خلال أشغال الجلسة الافتتاحية على الأهمية التي يكتسيها موضوع هذه الندوة العلمية وراهنيته، كما أشادوا بحسن اختياره بالنظر للاختلالات والمشاكل الكبرى التي أضحت تطرح على الساحة من طرف الممارسين في الشأن التربوي والتعليمي، وأيضا من خلال تزايد انشغال المواطن وسؤال الانتظارات تجاه مسألة التربية والتكوين والتدبير والبحث.
 إن مختلف التساؤلات حول الموضوع تتطلب التفكير المنهجي وإعمال البحث العلمي المعمق بهدف البحث عن الحلول المناسبة والكفيلة بتجاوز الإكراهات وتحسين جودة الخدمة المقدمة في هذا المجال الحيوي.
وقد تلت الجلسة الافتتاحية، خمس جلسات علمية أخرى امتدت على مدى يومين، موزعة على المحاور التالية:
- المحور الأول: سوسيولوجيا الأنظمة التربوية وسؤال القرار التربوي.
- المحور الثاني: اللامركزية في قطاع التعليم ما قبل الجامعي.
- المحور الثالث: الجماعات الترابية والمجتمع المدني وقضايا التربية والتكوين.
- المحور الرابع: التعليم الجامعي واللامركزية في المغرب والتجارب المقارنة.
افتتحت الجلسة العلمية الصباحية الأولى والتي ترأسها الدكتور رضا الفلاح الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بأكادير، والمتمحورة حول سوسيولوجيا الأنظمة التربوية وسؤال القرار التربوي؛ بمداخلة تحمل عنوان: "الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030 ورهان حكامة منظومة التربية والتكوين"، من تقديم الدكتور عبد العلي حور، أستاذ باحث بمركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط. حيث انطلق المتدخل في ورقته العلمية بالتساؤل عن أبرز أبعاد الحكامة التي سطرتها الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، مرورا إلى تبيان أهم الاختلالات التي شابت التجارب السابقة في إصلاح منظومة التربية والتكوين، ومدى قدرة مقتضيات الرؤية الاستراتيجية للإصلاح على سد الثغرات والإشكالات التي تحول دون تحقيق حكامة جيدة للمنظومة، ليخلص في الختام للفرص المتاحة للنجاح ولأهم المحاذير التي يتعين تفاديها للخروج من الدائرة المفرغة.
تلت المداخلة العلمية الأولى، ورقة علمية ثانية باللغة الفرنسية للسيد رشيد بكاج، باحث في علم الاجتماع، من المعهد الملكي لتكوين الأطر، اختار لها كعنوان" العدالة في ولوج خدمات التربية وسلطات التنظيم: تساؤلات سوسيولوجية حول لامركزية النظام التربوي بالمغرب"،حيث تطرق الباحث في مداخلته بالتحليل العلمي وأدوات السوسيولوجي، إلى أهمية لامركزية الأنظمة التربوية، من خلال العمل على تحليل ثلاثة عناصر أساسية: أولها نقاش مرحلة إعادة تكوين الهويات والعلاقات المهنية بين مدبري المؤسسات التعليمية من جهة والأطر المنتمية إلى السلطات المكلفة بتنظيم القطاع من جهة أخرى. ثاني هذه العناصر، كان حول ما إذا كان التنوع في عرض الخدمات الفريدة لكل مؤسسة تعليمية، من خلال مشروع المؤسسة، لا يتماشى وطلب أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، وذلك في ظل إكراه المنافسة والمحدودية؛ ثم بين، كعنصر أخير، كيف أن السلطة المكلفة بتدبير النظام التربوي وتنظيمه ستجد نفسها أمام تزايد مسؤوليتها أمام المواطنين، لكونها هي الضامنة لجودة التعليم.
وفي تدخل موسوم بعنوان " الأنظمة التربوية والتغيير الاجتماعي، أية علاقة؟" للدكتور عمر التاور، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر، أكادير وأستاذ مكون بالمركز التربوي الجهوي، إنزكان سابقا؛ قام الباحث بالقيام بقراءة مقتضبة في بعض تمظهرات العلاقة بين الأنظمة التربوية والتغيير الاجتماعي بالمغرب من خلال تناوله دواعي ظهور المدرسة العصرية بالمغرب، وتفكيكه بالنقد والتحليل للعلاقة القائمة بين إصلاح النظام التربوي وضرورات المجتمع المغربي، حيث أكد أن الإصلاحات الكبرى التي عرفها النظام التربوي المغربي منذ الاستقلال إلى الآن ترتد إلى المجتمع وإلى ضرورات اقتصادية واجتماعية ضاغطة، لا إلى المدرسة وإصلاح المناهج وتحسين البرامج. ثم تطرق في الختام، لبعض تداعيات الأنظمة التربوية على الواقع الاجتماعي المغربي، سواء على صعيد الثقافة والهوية أو على صعيد الحراك الاجتماعي والتنمية.
وتناول الدكتور محمد البداوي، باحث في القانون العام والعلوم الإدارية، بالدراسة والتحليل موضوع "عملية اتخاذ القرار التربوي وأثر اللامركزية على جودته"، من خلال محورين، الأول تطرق فيه إلى منهجية اتخاذ القرارات التربوية وأهميتها في الإدارة التعليمية والوقوف على الأساليب والاتجاهات العلمية الحديثة لصنع واتخاذ القرارات التربوية، وعلى أهم العوامل المؤثرة في هذه العملية وكذا الخطوات المنهجية لاتخاذ قرارات ذات جودة عالية، اما المحور الثاني، فتناول فيه أثر لامركزية التعليم على فعالية وجودة القرارات التربوية. ليختم مداخلته بطرح بعض التوصيات التي من شأنها المساعدة على تطوير جودة صناعة واتخاذ القرارات التربوية في النظام التعليمي المغربي.
انتقلت الكلمة بعدها للدكتور إدريس أيتلحو، أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض بمراكش وباحث في سوسيولوجيا التراب، الذي تناولت ورقته العلمية النقدية، باللغة الفرنسية موضوع "النظام التربوي بالمغرب وسؤال التنمية الترابية"، والتي أكد من خلالها ضرورة مقاربة العلاقة ما بين السلطة الممركزة والسلطة غير الممركزة مقاربة مختلفة، تتأسس على البعد الترابي في علاقته بالتربية، هذه الأخيرة يجب أن تنبني على براديغم يجعل النجاعة والفعالية هما المحددين لأية وضعية تربوية. كما تطرق الباحث إلى مفهوم السياسة العمومية والذي، حسب مداخلته، يجب أن يتم إعادة النظر فيه بحكم غياب الالتقائية بين السياسات القطاعية والسياسات الترابية على الصعيد الوطني، بحث أن مفهومي الدعم والريع مازالا هما الموجهان لعمليات تنفيذ وتتبع المشاريع عموما، وتلك الموجه للتربية والتعليم على وجه الخصوص. وقد أكد الدكتور على أهمية تمكين المؤسسات الجهوية الموكول إليها تدبير أمور التربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية، الاستقلالية الحقيقية بدل إغراق المتعلمين في مقاربات لإعادة الإنتاج الاجتماعي والإدماج، تم تجاوزها ببراديغم مابعد الحداثة.
بعد ذلك، وفي ورقة بحثية في موضوع "أهمية توظيف التدبير الحكامتي وأسلوب الإلتقائية في تدبير السياسات الموجهة للقطاع التربوي" للدكتور عبد الرزاق لعقابي، دكتور في القانون العام وإطار عالي بجماعة ترابية بطنجة، قارب فيه إشكالية مساهمة التدبير الحكامتي وأسلوب الالتقائية في النهوض بالقطاع التعليمي وتحسين مردوديته، وذلك من خلال التطرق بداية إلى الواقع الراهن للحكامة الجيدة وللالتقائية في تدبير القطاعات الترابية في ظل دستور 2011، ثم أبرز أهمية قطاع التعليم وتأثيره على التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ليتناول بعدها دور الحكامة الجيدة والالتقائية في تحديث قطاع التعليم، في ظل مجموعة من التحديات، مع دراسة حالة دولة اليابان نموذجا.
بعد ذلك، تم فتح النقاش أمام الحضور، الذي تفاعل من خلال أسئلته وملاحظاته وتعليقاته على المداخلات العلمية للجلسة الصباحية الأولى، والتي أبانت عن اهتمامه بمضمونها، كما قام السادة الدكاترة والباحثون والخبراء بدورهم بالتفاعل مع الحاضرين.
أما الجلسة العلمية الصباحية الثانية، فانطلقت برئاسة الدكتور الحسين الرامي الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بأكادير ومنسق ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، وهي الجلسة التي تناولت محور اللامركزية في قطاع التعليم ما قبل الجامعي.
استهلت الجلسة بمداخلة أولى للدكتور حميد ابكريم أستاذ مؤهل من المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة، والتي اختار لها كعنوان "الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين واللامركزية الإدارية في تدبير الشأن التربوي". وقد قام المتدخل برصد مسار اللامركزية واللاتمركز الإداري بقطاع التربية الوطنية وأهم الإصلاحات التي همت هذا النهج، وإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وأهم المكتسبات التي راكمتها في مجال تدبير المنظومة التربوية ولاسيما ما يتعلق بتدبير الموارد البشرية، وتجويد الخدمات التعليمية، والعلاقة بين الأكاديميات وبين المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، واختتم مداخلته بالتطرق لأبرز رهانات وإكراهات التدبير الجهوي للمسألة التربوية.
من جهته، تناول الدكتور محمد الجناتي الأستاذ المؤهل بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق، موضوع "المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بين تفعيل اللامركزية واللاتركيز والتبعية للوزارة الوصية"، حيث بين في نقطة أولى غياب آليات التنسيق بين المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والأكاديميات واستمرار الوصاية المفروضة على هذه المراكز من طرف الوزارة المكلفة بالقطاع، من خلال تبيانه لأهم مظاهر غياب استقلاليتها، تلاها في نقطة ثانيةـ، اقتراحه عدة تدابير من أجل تجاوز هذا الإكراه، عبر اعتبار المراكز مؤسسات لتكوين الأطر غير تابعة للجامعات، ومنحها استقلالية تدبير شؤون التكوين والـتأهيل والتأطير والبحث العلمي بها، والاستقلال المالي والإداري، وتخصيصها ميزانية مهمة، وتعزيز بنيتها التحتية وإصلاح نظام الدراسة بها.
بعد ذلك، قدم الأستاذ الباحث محمد بنجيلالي من مركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط مداخلة باللغة الفرنسية، بعنوان "سياسة اللامركزية واستقلالية المؤسسات التعليمية"، والتي تمحورت حول ما إذا كانت الاستقلالية واللامركزية ستضمنان نجاعة نظامنا التربوي أم ستعمقان من الاختلالات التربوية، وقد قام الأستاذ بقراءة أولى في مفهوم اللامركزية في النظام التربوي والتعليمي، ثم انطلق بعدها في دراسة استقلالية المؤسسات التعليمية والتي تطورت من خلال تنزيل اللامركزية، قبل أن يختم مداخلته بتبيان أهم نتائج هذه السياسة على النظام التربوي المغربي. كما تناول الدكتور طارق جدايني من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة مداخلة بعنوان "اللامركزية في قطاع التربية التربية والتكوين بين الواقع والآفاق" تلتها ورقة علمية للدكتور عصام القرني أستاذ زائر وباحث في المالية العمومية والسياسة الجبائية، تناولت موضوع "إشكالية الاستقلال المالي للمؤسسات التربوية على ضوء التدبير اللامركزي"، والتي رصد من خلالها المتدخل مظاهر الاستقلال المالي للمؤسسات التربوية، وبين حدود وخصوصيات هذا الاستقلال، ودواعي تحقيقه ومخاطره؛ واختتم مداخلته بتقديم سبل تدعيم الاستقلال المالي للمؤسسات التربوية وضمانات انعكاسه إيجابا على وضعية منظومة التربية بشكل عام. بعد ذلك قدم كل من الدكتور عبد الحكيم أبو اللوز والدكتور عبد الكريم الحديكي، الأستاذان الباحثان بكلية الحقوق بأيت ملول، مداخلة مشتركة في موضوع "أي استقلالية للتعليم الديني بالمغرب"؛ وقد انطلق الباحثان من خطاب ملك المغرب في أبريل 2004 الذي هيكل للمجال الديني إلى اليوم، حيث بين الباحثان كيف واصلت الدولة المغربية عملية أدلجة الدين، وترسيخ هويتها الدينية على تقليد ديني عام متكون من عناصر ثلاثة: العقيدة الأشعرية، المذهب المالكي، والسلوك الصوفي، واشتغال وزير الأوقاف على تحديد مواصفات التصور الديني في المغرب من خلال بناء إسلام مغربي يدمج عدة معطيات ثقافية وتاريخية ودينية، في محاولة لإنتاج مرجعية دينية مغربية قطرية، اتسمت بدرجة عالية من الجمود والانغلاق أمام كل فاعل ديني يتمايز عن هذه المرجعية. ثم عرج بعده الباحثان إلى الحديث عن التعليم الديني، الذي يعتبر بمختلف أنواعه العمومي والخاص من أبرز القنوات التي تصرف فيها الدولة سياستها الدينية، وبسطا للحاضرين قراءتهما في مضامين النصوص الحاكمة للقطاع وكذلك طرق تدبيره، كما بينا كيف أن موضوع البحث يندرج في دراسة الموارد البشرية الفاعلة في قطاع التعليم الديني وسياسات معاودة إدماجها في خطة تأهيل القطاع، في إطار محاور كبرى جاءت على الشكل التالي:
-  مونوغرافيا التعليم الديني
-  النصوص الحاكمة للقطاع
-  الأجهزة المتدخلة
-  الفاعلون غير الرسميين
-  سياسات التدبير.
بعد انتهاء أشغال الجلسة الصباحية الثانية، فتح النقاش أمام الحضور للتفاعل مع أوراق المتدخلين خلالها.
انطلقت أشغال الجلسة المسائية في محور الجماعات التربية والمجتمع المدني وقضايا التربية والتكوين، برئاسة الدكتور سعيد همامون، الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بأيت ملول، والتي استهلت بمداخلة علمية للدكتور جواد الرباع، الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بأكادير والموسومة بــ"الجماعات الترابية والنظام التربوي: تحديات ومعيقات التنمية المحلية"، تطرق إلى مجموعة من النقط أهمها:
-  ضرورة إعادة النظر في النظام التربوي، باعتباره أحد المداخل المهمة في تحقيق التنمية المحلية.
-  اعتبار النصوص القانونية تصب في واد وتطبيقها في واد آخر، وأن دستور 2011 كتب بطريقة أكبر من الواقع.
-  غياب مشروع تربوي طموح قادر على إحداث التغيير ( استمرار التبعية ).
-  أغلب الإصلاحات في مجال التربية والتكوين متجهة نحو الشخصنة.
-  لا يمكن التعليم باعتباره قضية مجتمعية، عن صانع القرار السياسي والفاعل السياسي المحلي، باعتبار أن القانون يمنح للجماعات الترابية الحق في التدخل للمساهمة في جودة هذا النظام التعليمي مراعاة لطبيعة ظروف المنطقة.
كما طرح المتدخل مجموعة من الإشكاليات منها:
Ü إلى أي حد يمكن أن نقول بأن النص القانوني يحمل بعض من جينات النظام التربوي الجيد؟ وهل هنالك نخب قادرة على إحداث التغيير ؟
Ü  هل الدولة قادرة على اقتسام الثروة والسلطة ؟
 بعد ذلك، تم تقديم ورقة علمية من طرف الطالب الباحث سعيد الشرقاوي أستاذ الفلسفة بالتعليم الثانوي التاهيلي، والتي اختار لها عنوان "الحق في التعليم: أي دور للجماعات الترابية؟" حيث قام الباحث بجرد للإمكانات الدستورية والقانونية والمؤسساتية الممكنة للجماعات الترابية وحدود تدخلها في تدبير الشأن التربوي المحلي والتأثير فيه، كما تطرق إلى مختلف المعيقات السياسية والقانونية والسوسيوثقافية التي تقف أمام فعالية هذا التدخل وجودته، وذلك من خلال بسطه نتائج دراسة ميدانية بجماعة أولاد تايمة بإقليم تارودانت، مع طرحه رهان التحول نحو مدرسة ترابية. إثر ذلك، قام الدكتور رضوان أعميمي الإطار السابق بوزارتي التربية الوطنية والاقتصاد والمالية، والأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، بتقديم مداخلة في موضوع "الحكامة الترابية لمنظومة التربية والتكوين في أفق الجهوية المتقدمة" والتي حاول خلالها الإجابة عن سؤال آليات الحكامة الترابية في تدبير منظومة التربية والتكوين، سواء على مستوى الإدارة اللاممركزة أو على صعيد الإدارة اللامركزية، ومدى مواكبة هذا القطاع لورش الجهوية المتقدمة مع المحافظة على خصوصياته التدبيرية والتربوية؛ حيث تناول في محور أول واقع الحكامة الترابية في قطاع التربية والتكوين ثم، في محور ثان، مستقبل الحكامة الترابية لهذا القطاع على ضوء متطلبات الجهوية المتقدمة.
وقد تلت هذه المداخلة ثلاث أوراق علمية، الأولى للدكتور مبارك هيا الأستاذ الزائر بكلية الحقوق بأيت ملول في موضوع "التدبير التشاركي بين الإطار المرجعي وإكراهات التحقق: معيقات مشاركة المجتمع المدني في تدبير الأنظمة التربوية نموذجا"،عرف خلالها الأستاذ المتدخل بمفهوم التدبير التشاركي باعتباره من المفاهيم المعتمدة في منظومتنا التربوية وعلى صعيد تدبير المؤسسات التعليمية، وهو أسلوب يمكن من استعمال الإمكانات الإبداعية لمختلف الفاعلين في مختلف مراحل التدابير التقريرية قصد بلوغ النتائج المرجوة، وهو، حسب الباحث، مقاربة في التدبير تعمل على دمج مختلف الشركاء في السيرورة التدبيرية وخاصة في اتخاذ القرار والمراقبة، قيمها الأساسية الإنصات والانفتاح على الواقع، ثم تطرق بعد ذلك إلى الإطار المرجعي لمشاركة المجتمع المدني في الإدارة التربوية، تلاه تقديم أهم مجالات مشاركة المجتمع المدني في الادارة التربوية، ثم ختم مداخلته بالوقوف على الإكراهات المطروحة، سواء على المستوى المادي أو المعنوي، التي تحول دون تحقيق مساهمة المجتمع المدني في العملية التربوية.
وفي ورقة علمية مشتركة، للباحثين بجامعة ابن زهر محمد منار وأحمد منار بعنوان"اللامركزية والشراكة المجتمعية ونجاعة المنظومة التربوية"، ذكر الباحثان بكون التعليم قضية مجتمعية لابد أن يشارك فيها جميع الأطراف ( الأسرة والمدرسة وجميع مؤسسات المجتمع)، لهذه الغاية، تضمنت برامج التطوير التربوي أبعادا جديدة كان من أهمها إعطاء دور أكبر لأولياء الأمور وممثلي المجتمع المدني للمساهمة في دعم العملية التعليمية من خلال المساندة والمتابعة المستمرة للتحصيل العلمي لأبنائهم، وكذلك دعم دور المدرسة في المجتمع المحلي، فالمدرسة لا تستطيع تطوير عملها وتحقيق أهدافها والمضي قدما في هذا الطريق دون عمل مخطط وجهد منظم ومشترك مع أولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المحلي. وأضافا أن الشراكة التربوية من أبرز المستجدات التربوية الحديثة التي تبناها النظام التربوي المغربي ضمن عشرية الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وكذا الرؤية الإستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2015-2030، ومن الركائز الأساسية لانفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيو - اقتصادي، وانفتاحها على التجارب التربوية الأخرى، بغية الرفع من مستوى التلاميذ ودعم كفاءاتهم وقدراتهم التحصيلية، وتقوية جانب التواصل والتفاعل الثقافي لديهم، وخلق فضاء تربوي تنشيطي أساسه الحياة المدرسية السعيدة والتي تشارك فيه كل الأطراف الفاعلة داخل المؤسسة التعليمية أو خارجها.
وفي ختام أشغال الجلسة العلمية المسائية لليوم الأول، فتح نقاش أمام الحاضرين للتفاعل مع مضامين مختلف الأوراق العلمية والبحثية المقدمة خلال هذه الجلسة.
وخلال اليوم الثاني، السبت 29 شتنبر 2018، تم الشروع في مناقشة وتحليل المحور الرابع لهذه الندوة الدولية والمتعلق بالتعليم الجامعي واللامركزية في المغرب والتجارب المقارنة.
ترأس الدكتور حسن الليلي الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بأيت ملول، أشغال الجلسة العلمية الصباحية الأولى، والتي افتتحت بمداخلة للدكتور محمد همام، الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بأيت ملول، والتي اختار كعنوان لها: "جدل الجامعة والجماعة: دور الجماعة الترابية في تدبير الشأن الجامعي، المعوقات والآفاق. دراسة حالة الجماعة الترابية لأيت ملول والقطب الجامعي بأيت ملول".
 كما تميزت أشغال هذه الجلسة بمداخلة للدكتور بوبكر بداش الأستاذ المحاضر بكلية العلوم الاقتصادية بجامعة امحمد بوقرة ببومرداس بدولة الجزائر، الذي قدم مداخلة في موضوع "مؤشرات تقييم أداء مؤسسات التعليم العالي ومتطلبات الإصلاح: قراءة في واقع الدول العربية ضمن تصنيف ARWU "، حيث تطرق الأستاذ المتدخل إلى مسألة تقييم أداء مؤسسات التعليم العالي والتي تعتبر من المسائل الصعبة، لكونها تتميز بحساسية عالية بالنظر لارتباطها المباشر بمسألة التنمية البشرية وبمسالة تكوين المورد البشري، واللذان يتأثران هما أيضا بالعديد من العوامل والمتغيرات لا سيما بالسياسات والاستراتيجيات التي تتبناها الحكومات والجهات الوصية.
وأضاف الدكتور، أن استقرار هذه السياسات وما ينتج عنها من أهداف طويلة المدى من العوامل التي تؤدي إلى تحسين الأداء في مؤسسات التعليم العالي والحصول على مكانة متقدمة ضمن مختلف التصنيفات العالمية، ذلك أن تحسين الأداء يتوقف بشكل أساسي على ضرورة تفعيل دور البحث العلمي في الجامعات والعمل على ترقية الأداء العلمي والبيداغوجي للأستاذ الجامعي. بعد ذلك، قام بعرض واقع الدول العربية ضمن المؤشرات الأساسية للتنمية البشرية ومؤشرات قياس الأداء في مؤسسات التعليم العالي بالاعتماد على تصنيف ARWU للجامعات "Academic Ranking of World Universities"، وذلك حتى يتسنى الكشف على مستويات النوعية والجودة التي تتميز بهما الجامعات العربية ومقارنتها بتلك المسجلة في مؤسسات التعليم العالي للدول المتقدمة، وبالتالي البحث في مدى الاستجابة إلى متطلبات إصلاح منظومة التعليم العالي.
بعد انتهاء أشغال هذه الندوة العلمية الدولية، رفع السيدات والسادة المتدخلون الملاحظات والاقتراحات والتوصيات التالية:
- ضرورة القطع مع الممارسات والمقاربات المتجاوزة في مجال التدبير، واعتماد مقاربات الحكامة والتخطيط الاستراتيجي والذكاء الترابي، مع تحديد مجال التدخل بالمؤسسات التعليمية.
- إشراك القطاع الخاص وأيضا الطالب/التلميذ في جميع مراحل إعداد وتنزيل برامج التربية والتكوين على المستوى الترابي.
- تقوية التجانس والتكامل والتقاطع مابين البرامج والمشاريع ذات الصلة من أجل ضمان إقلاع حقيقي لقطاع التربية والتكوين.
- توسيع اختصاصات الجماعات الترابية وإمدادها بالموارد المالية اللازمة من أجل نجاعة تدخلها في قطاع التربية والتكوين، وذلك من خلال اعتماد مجموعة من النصوص التنظيمية ومن خلال النقاش حول مشروع القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بالتربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي.
- أجرأة الشراكة والتعاون مابين مؤسسات التربية والتكوين وباقي الفاعلين الترابيين، بهدف إدماجها في الديناميات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للوحدات الترابية.
- تقوية قدرات وكفايات الأطر والمسؤولين وأصحاب القرار في ميدان التربية والتعليم، وذلك من خلال تنظيم دورات تكوينية وندوات عليمة في المواضيع المرتبطة بمجال التدبير الاستراتيجي واتخاذ القرار.
- بذل المجهودات الكافية من أجل الرفع من مؤشرات التنمية البشرية في مجال التربية والتعليم، والتعبير عن إرادة حقيقية للإصلاح وتخصيص الموارد المالية اللازمة ودعم البحث العلمي والإصدارات في المجلات والمواقع العلمية المتخصصة والمعترف بها في المجال، بهدف تحسين ترتيب الجامعة المغربية في مصاف الجامعات العالمية.
- وضع نظام اللامركزية في ميدان تدبير الأنظمة التربوية وإعطاء استقلالية أكبر للمؤسسات التعليمية، وهامش لفائدة مدبري تلك المؤسسات يهم اتخاذ القرار وممارسة المهام الموكولة إليهم.
- نشر التقارير العلمية والبحثية بصفة منتظمة، وتشجيع البرامج الهادفة إلى تطوير الجودة والتميز خصوصا في مجال التعليم العالي.