زيارة ميدانية لجماعة أيت ملول لعرض برنامج عمل الجماعة

 


في إطار الأنشطة التكوينية والزيارات الميدانية، وبتأطير من الأستاذ المنسق الدكتور الحسين الرامي، حضر طلبة ماستر " حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة " التابع لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، أشغال مائدة مستديرة خصصت لعرض برنامج عمل جماعة أيت ملول والمنعقدة بمقر هذه الأخيرة، صبيحة يوم الخميس 10 رمضان 1440 الموافق ل 16 ماي 2019 على الساعة 10 صباحا.

 وقد ترأس اشغال هذه الجلسة السيد محمد بكار نائب رئيس المجلس الجماعي لأيت ملول، الذي رحب بكافة الحاضرين وشكرهم على هذه الزيارة الميدانية لمقر الجماعة، وعن الأهمية التي يولونها لمتابعة تدبير الشأن المحلي بمدينة أيت ملول .

 ومن جهة أخرى، اعتبرها مناسبة تجسد انفتاح الجماعة على المحيط الجامعي والبحث العلمي وتبادل الخبرات والتي من شأنها أن ترقى بمستوى التدبير الترابي إلى الأفضل، في إطار من التكامل بين ما هو نظري وما هو تطبيقي، مؤكدا على أن الجماعة ترحب بجميع الطلبة الباحثين وفي مقدمتهم طلبة ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، لارتباط موضوع دراستهم بشؤون الجماعات الترابية، وبأن الجماعة على استعداد تام لتزويدهم بكافة المعطيات والمعلومات الضرورية التي ستفيدهم في إنجاز بحوثهم الميدانية.

 وعلى إثر ذلك، وفي كلمة له بالمناسبة، قدم الدكتور الحسين الرامي، بصفته الأستاذ المنسق لماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، أصدق عبارات الشكر والتقدير لكل مكونات الجماعة الترابية لايت ملول، شاكرا إياهم على حسن الاستقبال، وإعطاء هذه الفرصة للطلبة للاطلاع على برنامج عمل الجماعة، مؤكدا على أن الهدف البيداغوجي للماستر هو بالأساس الانكباب على دراسة مجال اشتغال الجماعات الترابية كمجال يسترعي بالاهتمام، نظرا للدور التنموي المتصاعد لهذه الوحدات الترابية، والسعي إلى تكوين أطر كفؤة تكون في خدمة هذه المؤسسات على اختلاف مستوياتها، مبرزا أن هذا الفوج الأول من طلبة هذا الماستر، أبانوا عن قدرات هائلة وهمم عالية من خلال تنظيم مجموعة من الأنشطة العلمية تهم مختلف المواضيع ذات الصلة بتدبير الشأن الترابي، والتي لقيت استحسانا كبيرا من لدن جميع المهتمين والمتتبعين.

وفي ختام كلمته، أشار الأستاذ المنسق إلى أن هذه المناسبة ما هي إلا بداية لتنظيم أنشطة أخرى مستقبلية، متمنيا أن تحدو الأفواج القادمة نفس الحدو، وبنفس العزيمة والإرادة أو ربما أكثر، حتى تؤتي هذه الأنشطة العلمية أكلها، وتعود بالنفع العميم على الطلبة وعلى الجماعات الترابية وعلى التنمية الترابية بصفة عامة.

وبعد هاتين الكلمتين الافتتاحيتين، أعطيت الكلمة من طرف رئيس الجلسة للسيد رئيس قسم الموارد البشرية بجماعة أيت ملول، إبراهيم إد سيدي باها، لتقديم عرض مفصل حول برنامج عمل الجماعة، تطرق من خلاله إلى مختلف المراحل التي مر منها هذا البرنامج من الاعداد ثم المصادقة وصولا لمرحلة التنفيذ، مشيرا الى أن الفترة الزمنية التي يغطيها هذا البرنامج تمتد على ست سنوات، بداية من سنة 2017 إلى غاية 2022.

وقد استهل عرضه بالإطار المفاهيمي لبرنامج عمل الجماعة، مشيرا إلى أن هذا الأخير يعتبر وثيقة مرجعية تتضمن الأعمال التنموية المقرر إنجازها أو المساهمة في انجازها بتراب الجماعة خلال الست سنوات التي تصادف المدة الانتدابية للمجلس.

ومن جهة أخرى، اعتبر بأن هذه الوثيقة تندرج في إطار التخطيط المتوسط المدى على المستوى الترابي، موضحا بأنه، خلافا للمخطط الجماعي للتنمية المعمول به سابقا، والذي يتضمن قائمة طويلة من المشاريع يكاد معظمها يدخل في نسج الخيال لكونه صعب التحقيق، فإن برنامج العمل يعتبر أكثر واقعية وقابل للتطبيق على أرض الواقع، وفي أمد زمني محدد بمدة الولاية الانتدابية للمجلس، ويضم مشاريع يغلب عليها طابع القرب كاختصاص أصيل للجماعات وفق مقتضيات القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.

وفي حديثه عن مرحلة الاعداد، أفاد بأن أولى الخطوات التمهيدية لإعداد برنامج عمل الجماعة، تمثلت في إعطاء الانطلاقة لإعداده خلال الاجتماع المنعقد بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بايت ملول، تلته عملية تشكيل فريق تقني جماعي شارك في مجموعة من الورشات التكوينية دارت حول هذا الموضوع.

وبعد إرساء قواعد وآليات العمل، بادر المجلس الجماعي لايت ملول بالقيام بجولات من التشخيص التشاركي من خلال تنظيم عدة لقاءات تشاورية مع الساكنة من مختلف الفئات وفق مقاربة تحترم النوع الاجتماعي.

وبعد تجميع المعلومات والوقوف على نقط الضعف ومكامن القوة لدى الجماعة، تم التعاقد مع مكتب الدراسات ARES، الذي قدم للجماعة دعما تقنيا وخبرة علمية من خلال استغلال ومعالجة المعطيات المحصل عليها، كما ساهم في تأطير الفريق التقني الجماعي الذي أشرف على إعداد البرنامج، حيث كان الهدف الموازي، تكوين فريق تقني يضمن الاستمرارية في العمل إلى ما بعد الإعداد.

وكانت عملية التشخيص التشاركي جد مكثفة حيث تم خلالها تنظيم ما يناهز 126 ورشة، والتي ساهم فيها عدة فاعلين من مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والبيئية والإعلامية، وتم إشراك الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مع استحضار مقاربة النوع الاجتماعي من خلال إشراك النساء والأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وهيئة المساواة وتكافؤ الفرص.

وفي نفس السياق، تم ربط الصلة بعدد من المصالح اللاممركزة للدولة من خلال توجيه ما يقارب من 56 مراسلة تحت إشراف السيد العامل، منها 41 مراسلة على سبيل التذكير.

وخلال مرحلة التشخيص التشاركي، تم التركيز على النقط التالية:

         تشخيص إمكانيات الجماعة وحاجياتها،

         ترتيب الأولويات التنموية للجماعة، مع الاخذ بعين الاعتبار لعنصر الالتقائية مع سياسات الدولة المتعلقة بخدمات القرب، ومع برنامج التنمية الجهوية وبرنامج تنمية العمالة أو الإقليم.

         تجميع وإعداد خلاصة لنتائج التشخيص التشاركي.

         تقييم موارد الجماعة ونفقاتها خلال السنوات الثلاث القادمة.

         التشخيص المجالي، الذي تم فيه الأخذ بعين الاعتبار لعدة مؤشرات مهمة، كعدد السكان الذي وصل إلى حوالي 171 ألف نسمة حسب آخر إحصاء لسنة 2014، ما يعني تزايد المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية من التعليم والصحة والشغل والترفيه وغير ذلك.

أضف إلى ذلك الهوية الصناعية لمدينة أيت ملول، والتي تعتبر كثاني قطب صناعي على الصعيد الوطني، والذي يحتل حوالي 354 هكتار، وبمجموع الوحدات الصناعية التي تقدر ب 778 وحدة.

 فيما يتعلق بترتيب الأولويات بالنسبة لجماعة أيت ملول، أوضح الإطار المتدخل بأنه تم اعتماد ثلاثة معايير أساسية وهي:

         درجة أهمية المشكل المطروح ؛

         إمكانية وحدود التمويل؛

         القدرات البشرية والمالية المتوفرة للعمل على حل المشكل.

وبالنسبة للرؤية التنموية المستقبلية للجماعة، والتي تم استنباطها بناء على ما خلصت اليه نتائج الدراسة والتشخيص التشاركي وترتيب الأولويات، فقد لخصها المتدخل فيما يلي:

«أيت ملول مدينة تنافسية بمحيطها، متضامنة بين مكوناتها متعاونة مع شركائها لمجال أفضل للعيش الكريم».

 كما خصص المتدخل جانبا من عرضه للحديث عن عملية التتبع والتقييم لبرنامج العمل، معتبرا بأنها تشكل حافزا للتنزيل الجيد والسليم للمشاريع المدرجة في برنامج عمل الجماعة، مع إمكانية التدخل في الوقت المناسب لتدارك الهفوات والاختلالات التي يمكن أن تظهر عند التنفيذ، واقتراح الحلول والبدائل الكفيلة بتجاوزها وتسويتها.

 وقام في هذا الإطار، بعرض نموذج مصفوفة للتتبع تبين نسبة تقدم المشاريع حسب طبيعتها مقسمة إلى المحاور التالية:

         المشاريع التي تستلزم التنفيذ المباشر؛

         المشاريع التي تستلزم الدراسة ثم التنفيذ؛

         المشاريع التي تستلزم توفير العقار وإعداد الدراسات ثم التنفيذ.

 وبعد إنهاء العرض تم فتح باب المناقشة أمام الحاضرين، من أجل إبداء آرائهم وملاحظاتهم وطرح أسئلتهم واستفساراتهم، والتي تمحورت في مجملها حول مراحل إعداد برنامج عمل الجماعة، وما مدى استجابة المشاريع المدرجة فيه للمشاكل التي تعاني منها المدينة في شتى المجالات ، البيئة لا سيما على مستوى وادي سوس، و التعبئة العقارية والتوسع العمراني، وحركة المرور الكثيفة التي تشهدها المدينة، والتفاوتات المجالية والتوجه الصناعي للمدينة، وغير ذلك من المجالات الحيوية ذات الصلة ببرنامج العمل.

وقد تم التفاعل مع مختلف الأسئلة المطروحة من طرف أطر وأعضاء الجماعة كل حسب تخصصه والمهام المسندة إليه، وفي مقدمتهم السيد محمد بكار نائب الرئيس وكذلك السيد إبراهيم إد سيدي باها الذي تفضل بتقديم العرض بالإضافة الى رئيس مصلحة التعمير والشؤون التقنية ورئيس مصلحة المالية، بحيث تم تسليط الضوء على مختلف التساؤلات ومن مختلف الزوايا، وتم الخروج باستنتاج عام مفاده أن بعض المشاكل المطروحة قد تم إيجاد الحلول الملائمة لها، كما أن هناك مشاكل وإكراهات أخرى لازالت عالقة وبدون حلول.

فمن حيث العدالة المجالية تمت برمجة رزنامة من المشاريع بغلاف مالي يقدر بأربعة ملايير سنتيم، والتي تستهدف المناطق الهشة والمراكز الهامشية التي تعرف انفجارا ديموغرافيا كبيرا وارتفاعا في منسوب الهجرة القروية نحوها، مع ما يرافق ذلك من المشاكل الاجتماعية كالأمية والبطالة والانحراف وغير ذلك.

وفيما يتعلق بمعالجة المشكل البيئي فقد تمت برمجة عدة مشاريع تهم تهيئة ضفتي وادي سوس وبناء محطة للمعالجة ومحطة لقياس جودة الهواء، في إطار التوفيق بين متطلبات حماية البيئة وتطور النشاط الصناعي الذي تشهده المدينة، مع فرض شروط ومعايير ذات بعد بيئي على الوحدات الصناعية.

 وبالنسبة للحركية والاحتقان المروري داخل المدينة، فهناك مخطط لإنجاز عدد من المنشآت كالقناطر وبعض المحاور الطرقية، من ضمنها تهيئة شارع الحسن الثاني بأسايس، وإنجاز الطريق التي ستربط بين مطار المسيرة وميناء اكادير في إطار المخطط الجهوي للطرق.

وفيما يتصل بتعبئة العقار، فقد تمت الإشارة من خلال الأجوبة المتلقاة إلى وجود اتفاقيات مع المندوبية السامية للمياه والغابات من أجل اللجوء إلى مساطر الكراء عن طريق الاحتلال المؤقت.

إلا أنه ورغم المجهودات المبذولة، فلازالت هناك عدة مشاكل عالقة تنظر دورها في الحل، من ضمنها مشكل توقيف 45 مشروع من طرف السلطات لأسباب مجهولة والمبرمجة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي تقدر تكلفتها بخمسة ملايير سنتيم.

وهناك أيضا مشكل وثائق التعمير بحيث تم الإقرار من طرف المسؤولين الجماعيين بوجود صعوبات كبيرة مع الوكالة الحضرية لأكادير، وبالتالي غالبا ما يتم اللجوء إلى مساطر الاستثناءات في منح التراخيص بالبناء.

وعلاقة بالجانب المالي، تم التأكيد من طرف السيد رئيس قسم المالية على أن الاستقلال المالي للجماعة لازال لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب والمرغوب فيه، مسجلا في نفس الوقت نوعا من الركود في حصة الجماعة من الضريبة على القيمة المضافة، كما أشار بأن الاصلاح المرتقب للنظام الجبائي المحلي لم يأخذ بعين الاعتبار برامج عمل الجماعات الترابية، بحيث لم يتم إشراك الجماعات المعنية بالجبايات المحلية في هذا الموضوع.

وبتقديم هذه التوضيحات أسدل الستار على أشغال هذه الجلسة العلمية القيمة، التي تلامس جانبا من الواقع العملي والتطبيقي للممارسة الميدانية للشأن الترابي والمتجسد في برنامج عمل الجماعة.

وفي الختام، أخذ المشاركون في هذا اللقاء صورا تذكارية جماعية توثق لهذه المائدة المستديرة القيمة.