لقاء حول موضوع التجربة التنموية بجماعة أيت باها خلال الفترة 2009/2021: دراسة أولية لمواطن القوة ومكامن الضعف

 

بمبادرة من طلبة ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة وبتنسيق مع فريقه البيداغوجي وفريق البحث في القانون العام والحكامة والمركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات، نظمت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة بن زهر أكادير زيارة ميدانية لجماعة أيت باها وذلك للاطلاع على التجربة التنموية بالجماعة المذكورة خلال الفترة الممتدة بين 2009 و2021.

          هذا، وبتأطير من الدكتور الحسين الرامي، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بذات الكلية وبصفته رئيسا للمركز المغربي للدراسات و تحليل السياسات و بتنسيق من الدكتور عبد الحكيم أبواللوز، أستاذ باحث بجامعة ابن زهر و عضو مشارك بفريق البحث في القانون العام والحكامة، نظمت يوم السبت 20 فبراير 2021 ندوة، بمقر الجماعة الترابية لأيت باها، قدم من خلالها السيد محمد اليربوعي رئيس المجلس الجماعي عرضا حول موضوع: التجربة التنموية بجماعة أيت باها خلال الفترة 2009/2021" دراسة أولية لمواطن القوة ومكامن الضعف".

             في كلمة افتتاحية، شكر الدكتور الحسين الرامي السيد محمد اليربوعي، رئيس المجلس الجماعي لأيت باها  على حفاوة الاستقبال و انخراطه الإيجابي  و الفعال  في إنجاح الأنشطة العلمية و الثقافية  المبرمجة في إطار ماستر "حكامة الجماعات الترابية و التنمية المستدامة"، مبرزا أن انفتاح الجامعة على محيطها لم يعد خيارا بل ضرورة، لاسيما، الفاعلين المحليين على جميع المستويات و الأصعدة، ومن هنا، و تماشيا مع طبيعة ماستر "حكامة الجماعات الترابية و التنمية المستدامة" فإن من شأن التواصل مع الفاعلين الترابيين المحليين  أن يسهم في الاطلاع عن قرب على التجارب الواقعية لتدبير الشأن العام.

وبدوره، أكد الدكتور عبد الحكيم أبو اللوز، أن مثل هذه الندوات واللقاءات لكفيلة بإغناء مجال البحث العلمي وذلك من خلال استنباط إشكاليات مرتبطة بتدبير الشأن العام المحلي والتعمق فيها من خلال الدرس والتحليل.

وخلال تناوله للعرض، قدم السيد محمد اليربوعي في البداية ورقة تعريفية عن الجماعة الترابية لأيت باها، كونها ذات مساحة تقدر ب 6 كيلومترات مربعة وساكنة مقدرة بحوالي 8000 نسمة، معتبرا هذه الجماعة بوابة للأطلس الصغير ومركزا للجماعات الجبلية العشر المحيطة بها. كما بادر إلى تقديم لمحة عن الموارد البشرية و المالية للجماعة  قبل أن يتطرق إلى المخطط الجماعي للتنمية لجماعة أيت باها للفترة الممتدة بين سنتي 2010 و 2016  و الذي عرض من خلاله الآلية التشاركية التي اعتمدتها الجماعة لإعداده، بداية بتحديد الإطار العام مرورا بمرحلة التشخيص، فالتحليل و التخطيط ثم تحديد الأهداف العامة و بعدها الخاصة، كما قام السيد محمد اليربوعي بتقديم ملخص للبرنامج التنفيذي  للمخطط الجماعي للتنمية 2010-2016 من خلال التطرق إلى محاوره و المشاريع المسطرة به مع الإشارة إلى الكلفة التقديرية و فترة الإنجاز و كذا المتدخلين.

وبعد ذلك، عرج السيد محمد اليربوعي على برنامج عمل الجماعة الترابية أيت بها الخاص بالفترة الممتدة بين سنتي 2016 والذي 2022، ليذكر في البداية بالآلية المعتمدة لإنجازه من خلال تبني مقاربة تشاركية تجسدت في لقاءات تشاورية مع الساكنة وكذا هيئات المجتمع المدني والمصالح القطاعية دون إغفال الورشات الداخلية للمجلس والتي مكنت المنتخبين المحليين من تقديم إسهاماتهم في إعداد برنامج عمل الجماعة وبالتالي بلورة تصور مشترك للتنمية المحلية.  وفي نفس السياق، أكد السيد محمد اليربوعي أن تفعيل مقاربة النوع الاجتماعي أسهم بدوره، وإلى حد كبير، في تشخيص الحاجيات وتحديد الأولويات من خلال انخراط النساء والأطفال ومؤطرات برنامج محو الأمية في الورشات المنظمة لهذه الغاية.

وفيما يخص الشق المرتبط بمستويات الجماعات الترابية الثلاثة، أشار رئيس المجلس الجماعي لأيت باها إلى أن هاجس تحقيق الالتقائية والتكامل أملت على الجماعة مراعاة توجهات البرامج الإقليمية والجهوية وكذا الوطنية من خلال استثمار ما وفره برنامج تنمية الإقليم والمخطط الجهوي للتنمية والمخططات القطاعية من معطيات دقيقة وفرص للتمويل مما يمكن من استحضار الوضع الراهن والعمل على ضمان التوظيف الأمثل للإمكانيات والموارد المتاحة مع ضمان استمراريتها.

        هذا، وإن عدم توفر الظروف الملائمة للرقي بالجماعة الترابية لأيت بها كقطب اقتصادي أو تجاري مهم، يفسر حسب السيد محمد اليربوعي توجيه الإطار العام لبرنامج عمل الجماعة إلى جعل مدينة أيت باها "مدينة جميلة وجذابة" تتوفر فيها خدمات القرب والتجهيزات الأساسية وبيئة سليمة وهيكلة عمرانية واقتصاد محلي منتعش وكذا حركية ثقافية ورياضية.

وخلال التطرق إلى البرنامج التنفيذي لبرنامج عمل الجماعة، ركز السيد محمد اليربوعي على أهمية تنويع مصادر التمويل من خلال البحث عن شراكات مع مؤسسات عمومية أو منظمات دولية وعدم الاقتصار على الموارد الذاتية وإمدادات الدولة، المتمثلة في حصة الجماعة من الضريبة على القيمة المضافة وبعض الحسابات الخصوصية.

وعن الحصيلة الإجمالية للجماعة الترابية لأيت باها خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2009 و2021، فقد اعتبرها رئيس المجلس الجماعي إيجابية. فيما يتعلق منها بالتجهيزات الأساسية، أكد أنه قد تم تعميم شبكة التطهير السائل على كافة أحياء الجماعة وكذا استكمال مشاريع تزفيت الطرق وتبليط الأزقة مع التجديد الكامل لشبكة الإنارة العمومية. وفيما يخص المرافق الرياضية والاجتماعية، تم ذكر الملعب البلدي المجهز بعشب اصطناعي والذي اعتبره الوحيد من نوعه على مستوى إقليم اشتوكة أيت باها والحدائق العمومية إضافة إلى مركب تكوين وتأهيل الشباب والفضاء الثقافي والتربوي المتواجد بمركز الجماعة وكذا مركز ذوي الاحتياجات الخاصة.

        وتطرق السيد محمد اليربوعي كذلك إلى برامج الدعم المخصصة للقطاع التعاوني، لاسيما النسوي منه، من خلال مواكبة مشاريع تثمين المنتجات المحلية والصناعة التقليدية التي تجسدت في المساهمة في إنجاز مشروع مركب لتثمين المنتجات المحلية والصناعة التقليدية بالمدخل الشمالي للجماعة.

وفي الأخير، أشار رئيس المجلس الجماعي إلى أنه رغم ما تم إنجازه فإن الأهداف المسطرة لم تحقق بالكامل لكون بعض المشاريع المبرمجة قد سجلت تعثرا عزاه إلى إكراهات تقنية وأخرى مرتبطة بإخلال بعض الشركاء بالتزاماتهم التعاقدية. 

وخلال المناقشة، سجل تفاعل كبير بين الطلبة الباحثين والسيد رئيس المجلس الذي أجاب بإسهاب على كامل استفساراتهم والتي همت بالأساس إكراهات تحقيق التنمية المحلية في ظل الخصاص في الموارد المالية والبشرية، استراتيجيات ضمان استمرارية تنفيذ المخططات التنموية على مستوى الجماعة وكذا درجة إسهام الجماعة في تدبير الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا..