ندوة وطنية حول موضوع: النظام المالي للجماعات الترابية

 

بمبادرة من طلبة ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة وبتنسيق وتعاون مع فريق البحث حول القانون العام والحكامة والمركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات وجماعة انزكان، انعقدت بمقر جماعة انزكان يوم الأربعاء 31 اكتوبر 2018 ندوة حول موضوع النظام المالي للجماعات الترابية بالمغرب، من تأطير كل من الأستاذ حسن بلقاسمي الدكتور في القانون العام والمسؤول السابق بالخزينة الجهوية بمراكش والأستاذ حسن الدمان الباحث بمجموعة البحث في المجالات الترابية والمقاولاتية بجامعة القاضي عياض بمراكش ونائب رئيس جماعة انزكان مفوض في الشؤون المالية الجماعية.
افتتحت الندوة بكلمة للسيد أحمد أدراق رئيس الجماعة الترابية لانزكان، رحب من خلالها بالحضور وأثنى على مبادرة تنظيم هذا اللقاء العلمي بصرح جماعة انزكان، كما أكد أن جماعة انزكان تعتبر هذا الماستر "فاتحة خير" على الفعل الترابي بمدينة انزكان وبالجهة بشكل عام، نظرا لأهمية موضوعه وانفتاحه على محيط الجامعة كما أن جماعة انزكان ستبقى رهن اشارة الجامعة والمركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات ورهن اشارة البحث العلمي.
بعد ذلك تناول الكلمة الدكتور الحسين الرامي منسق ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، حيث رحب بدوره الحاضرين وشكر الساهرين على تنظيم اللقاء، كما عبر عن شكره لجماعة انزكان على مواكبتها لدينامية جامعة ابن زهر، ما يعكس روح الانفتاح لدى هذه الجماعة الترابية. أشار كذلك الى الدينامية العلمية والفكرية التي يؤسس لها ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة عبر تنظيم خمس أنشطة علمية منذ بداية الموسوم الدراسي الجامعي، مؤكدا على أهمية الانتاج العلمي كرهان بعدي لهذه الدينامية عبر نشر اصدارات وكتابات علمية، الشيء الذي سيتأتى بالتعاون مع الجماعات الترابية ومع الباحثين بسلكي الماستر والدكتوراه.
الطالب الباحث المدني السوسي، منسق الندوة والطالب بماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، عرض فكرة هذا اللقاء العلمي النابع من مبادرة لطلبة الفوج الأول من سلك الماستر مشيرا للأهمية التي تكتسيها مثل هذه المبادرة.
بعد كل هذه الكلمات الافتتاحية والترحيبية، تناول الكلمة الأستاذ حسن بلقاسمي الدكتور في القانون العام والمسؤول السابق بالخزينة الجهوية بمراكش، مقدما مداخلته التي عنونها بـ"سؤال الاستقلال المالي للجماعات الترابية" مشيرا الى أهمية الاستقلالية المالية للجماعات الترابية على المستويين الاداري والمالي، الشئ الذي يعتبره الأستاذ بلقاسمي مدخلا لتفعيل الصحيح للقوانين التنظيمية للجماعات الترابية.
عرج الاستاذ حسن بلقاسمي على مجموعة من التعاريف الأساسية التي لها علاقة بموضوع مداخلته من بينها الاستقلال المالي الذي عرفه بقدرة موارد الجماعة على مواجهة التكاليف العادية للجماعة، والاستقلال الجبائي والموازني، محدد موارد وتكاليف/مصاريف الجماعة. كما أنه لا يمكن تصور استقلال مالي للجماعة الترابية دون وجود استقلال جبائي، فالاستقلال الجبائي بالمغرب يحمل مؤشرات قلقة مادامت نسبة الاستقلال الجبائي لا تتجاوز 13 بالمائة، وفي اطار مقاربة مقارنة أشار الأستاذ الى التجربة الفرنسية التي وصلت فيها نسبة الاستقلال الجبائي سنة 2013 الى 56 بالمائة وذلك نتيجة توفر نظام ضريبي خالص للجماعات، وقدرة الجماعات على تحديد النسب الضريبية في اطار حماية قانونية وسند دستوري.
وبعد ذلك تحدث المتدخل عن الدعامات القانونية التي تمكن من تحقيق الاستقلال المالي للجماعة عبر الاشارة لبعض المقتضيات الدستورية في هذا الباب من بينها الفصل 136 من دستور 2011 الذي يشير الى المبادئ الناظمة للفعل الترابي وعلى رأسها مبدأ التدبير الحر الذي يفرض بشكل ضمني تواجد استقلال مالي، أشار كذلك الى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (الجهات، العمالات والأقاليم، الجماعات)، المبادئ العامة لتدبير مالية الجماعات الترابية كمبدأ المشاركة.
ختم المتدخل مداخلته بالحديث عن أبرز عوائق الاستقلال المالي التي من بينها الباقي استخلاصه وضعف الاهتمام بتكوين العنصر البشري وضعف تفعيل الرقابة البعدية المتمثلة في المحاكم المالية ولجان التفتيش، بالإضافة الى العوائق القانونية المتمثلة في تواجد العديد من القوانين الجاري بها العمل في حاجة الى اعادة النظر فيها باعتبارها قوانين مخالفة ومناقضة للقوانين التنظيمية للجماعات الترابية ومراسيمها التطبيقية.
اﻻستاذ حسن الدمان، الباحث بمجموعة البحث في المجالات الترابية والمقاولاتية بجامعة القاضي عياض بمراكش ونائب رئيس جماعة انزكان، عرض مداخلته الموسومة بالمالية الجماعية وسؤال تمويل التنمية المحلية جماعة انزكان نموذجا حيث حاول مقاربة موضوع مداخلته من منطلق تنموي واقتصادي مزاوجا بين الاطار النظري وتجربة جماعة انزكان باعتباره باحثا جامعيا وفاعلا ترابيا في الان ذاته.
اعتمد المتدخل تعريف الفرنسي فرونسوا بيروا للتنمية المحلية والمتمثل في التغييرات الذهنية والاجتماعية التي تعزز قدرة مجتمع ما على الزيادة في انتاجه بشكل مستمر وتراكمي. عرف كذلك التنمية الاقتصادية القائمة على الناتج الداخلي الخام، والتنمية الاجتماعية المتمثلة في جودة خدمات الصحة وللتعليم والقطاعات الاجتماعية، وأشار الى ان الجمع بين هذين الشكلين التنموية يمنحنا التنمية البشرية، وبإضافة البعد البيئي فتتحقق التنمية المستدامة، أما تنزيل كل هذه المفاهيم على المستوى المحلي يمكننا من الحديث عن التنمية المحلية التي عرفها الاستاذ بالسيرورة التي تساهم من خلالها "الجماعة" la communautè -بمفهومة الجماعة البشرية- في بناء ترابها بهدف تجويد اطار عيشها باستحضار المكونات الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، الثقافية والبيئية.
في معرض مداخلته أشار الأستاذ الى مفهوم الميزانية وتحدث عن أشكال التمويل الجماعي مميزا بين التمويل الذاتي، الاقتراض والتمويل الخاص. عرج كذلك على المبادئ الكبرى الناظمة للميزانية والمتجلية في: الوحدة، الشمولية، الاختصاص، السنوية والصدقية.
من أجل تقريب الصورة من الحاضرين، عمد الأستاذ خسن الدمان الى تقديم نموذج محاكاةmodele de silulation لميزانية جماعة انزكان منطلقا من مرتحل إعداد الميزانية ومراحل تنفيذها إداريا (الالتزام، التصفية والآمر بالصرف) ومحاسباتيا (الاداء) ثم ما بعد التنفيذ أي حصر الميزانية وحصر الفائض.
أخيرا تحدث الأستاذ عن نواقص التسيير المالي الكلاسيكي الذي اعتبره غير مستقل ولا يتسم بالمرونة كما لا يحترم التوازنات ولا يفتح هوامش للتشجيع والابتكار. هنا قدم المتدخل بديلا للتسيير الكلاسيكي يتمثل في الهندسة المالية التي عرفها بمجموعة من التقنيات والطرائق التي تمكن من ضبط الأداء المالي.
وفي الأخير تم فتح باب النقاش أمام الحضور للتفاعل مع مضمون مداخلات الأساتذة المؤطرين للندوة العلمية.